نكِرة، والنَّكِرة في سِياق الإثبات لا تُفيد العُموم، ولكنها هنا في سِياق {أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} أي: صاحِب انتِقام، فكلَّما كانت الحِكْمة في الانتِقام انتَقَمَ.
وتَأمَّل قوله تعالى:{ذِي انْتِقَامٍ} ولم يَقُل: مُنتَقِم؛ لأنه ليس من أَسماء الله تعالى المُنتَقِم ولم تَأتِ المُنتَقِم في أسماء الله تعالى في حديثٍ صحيح، وإنما جاءَت باسْمِ الفاعِل مُقيَّدًا، كقوله تعالى:{إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}[السجدة: ٢٢]، ولم يَقُل: إنا مُنتَقِمون. وقال:{ذِي انْتِقَامٍ} أي: صاحِب انتِقام في مَوضِعه، فالمُنتَقِم ليس من أسماء الله تعالى حتى وإن قُرِنت بالعَفوِ خِلافًا لما ذهَب إليه بعض العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ من أنه إذا قُرِنت بالعَفو فلا بأسَ، بل نَقول: المُنتَقِم ليس من أسماء الله تعالى لا مَقرونًا بالعَفوِ ولا مُنفرِدًا عنه، لكنه يُوصَف بالانتِقام مُقيَّدًا {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}، ويُوصَف بأن الانتِقام يَصدُر مِنه لا أنه مُنتَقِم؛ لقوله تعالى:{بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ}.
فإن قال قائِل: هل يَجوز أن يَكون المُنتَقِم من أسماء الله تعالى المُقيَّدة؟
قُلنا: لا، لأن الله تعالى قيَّد الانتِقام لمَّا وصَف نفسَه باسمِ الفاعِل قيَّده، وهنا نَقول:
أوَّلًا: إن أسماء الله تعالى كلُّها مُتَضمِّنة لصِفات، فكلُّ اسمٍ فهو مُتضَمِّن لصِفة، أو أكثَرَ من صِفة، وليس كلُّ صِفة تَتَضمَّن اسمًا.
إِذَنِ: الصِّفات صارت أَوسَعَ من الأسماء.
ثانيًا: الصِّفاتُ منها ما وصَفَ الله تعالى بها نَفْسه فهذا لا شَكَّ في أنه جائِز، ولكننا نَصِفُ الله تعالى به على حسَب ما وصَفَ به نَفْسه؛ فقال الله عَزَّ وَجَلَّ:{إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}[إبراهيم: ٤٧] هنا لا نَقول: إن الله تعالى مُنتَقِم، بل نَقول: ذو انتِقامٍ