مُقدَّرة على آخِره منَع من ظُهورها اشتِغال المَحلِّ بحرَكة حَرْف الجرَّ الزائِد.
فإن قال قائل: قُلْتم: (إن الباء حَرْفُ جرٍّ زائِدٌ) ونحن نَعلَم أن القُرآن الكريم ليس فيه لَغْو، والزيادة لَغْو؟
فالجَواب على هذا أن نَقول: الزيادة لَغْوٌ إذا لم تُفِدْ مَعنًى، فإن أَفادَت مَعنًى فليسَت لَغْوًا، والمَعنى الذي تُفيده هنا تَوكيد النفيِ، وعلى هذا فليسَت لَغْوًا، بل هي زائِدةٌ لكنا نَقول:(زائِدة لَفْظًا زائِدة مَعنًى)، يَعنِي: تَزيد في المعنَى.
لكن قد يَقول قائِل: كيف (زائِدة زائِدة)؟
نَقول:(زائِدة) الأُولى من (زاد) اللازِمِ، و (زائِدة) الثانية من (زاد) المُتعَدِّي؛ لأن (زاد) مثل (نقَص) تُستَعمَل لازِمة لا تَتَعدَّى للمَفعول، وتُستَعمَل مُتَعدِّية للمَفعول؛ فالمُتعَدِّية كما قال الله تعالى:{فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}[آل عمران: ١٧٣]، وقوله تعالى:{ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا}[التوبة: ٤]، واللازِمة كما تَقول: زاد إيمان الرجُل، وتَقول: نقَص الماء.
وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}[الزمر: ٤١]، يَعنِي: لستَ عليهم بمُراقِب تُراقِبهم وتُحافِظ عليهم، وإنما ذلك إلى الله تعالى فانت عليك البلاغُ، والحِسابُ على ربِّ العِباد عَزَّ وَجَلَّ.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ} مُتعلَّق بـ (أَنزَل)]، ولم يَقُل: بـ (أَنزَلْنا)؛ لأن العامِل هو الفِعْل، و (نا) اسمٌ بتَقدير الانفِصال عن الفِعْل، وهذا تعليمٌ من المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ، فإذا أَرَدْتم أن تَقولوا: هذا مُتعلِّق فلا تَذكُروا إلَّا العامِل فقط، لا تَذكُروا الفاعِل معه ولا المَفعول إن كان المَفعول