كتاب تفسير العثيمين: الزمر

تقديم - ص: 7

سورة الزمر

الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ عَلَى نبيِّنَا مُحمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وأصحَابِهِ ومَنْ تَبِعَهُم بإحسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ. وبَعد:

هذه السُّورة تُسمَّى: سورة الزُّمَر؛ لقول الله تبَارَكَ وَتَعَالى فيها: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: ٧٣]. وقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} [الزمر: ٧١].

وتَسْمِيَة السُّور تكون لِأَدْنى ملابَسَة وأدنى مُناسَبَة؛ ولهذا سُمِّيَت: سورة البقرة دون أن تُسمَّى: سورة الدَّيْنِ مثلًا، أو سورة العِدَدِ، مع أنَّ ذِكر الدَّيْن وما يتعلَّق به قد يكون كآيات البَقَرَة.

قال المفسر (١) رَحِمَهُ اللهُ: [مَكِّيَّة] يعني: أنَّها من السُّور المَكِّيَّة، وأصحُّ ما يُقال في السُّور المَكِّيَّة: أنَّها ما نزل قبل الِهجْرَة؛ فما نزل قبل الِهجْرة فهو مَكِّيٌّ، وما نزل بعدها فهو مَدَنِيٌّ، حتى لو نزل في مكَّة وهو بعد الهجرة فإنه يُسمَّى: مَدَنِيًّا؛ ولهذا نقول: إنَّ قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣] نقول: إنَّها مدنِيَّة، مع أنَّها نزلت في عَرَفَةَ.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [إلَّا {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} إلخ] هذا الاستثناءُ يحتاج إلى دليلٍ.

---

(١) المقصود بـ (المفسر) هنا: محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم جلال الدين المحلي، المتوفى سنة (٨٦٤ هـ) رَحِمَهُ اللهُ، ترجمته في: الضوء اللامع (٧/ ٣٩)، حسن المحاضرة (١/ ٤٤٣).