الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ من كان كاذبًا كفَّارًا فإنَّ الله لا يوافِقُه؛ لقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: التَّحْذيرُ من الكَذِبِ وخصال الكُفْر، وأنَّ الكَذِب سببٌ لِمَنْع الهداية وذلك - وهذه القاعدة التي يمكن أن نُطَبِّق عليها هذه الفائِدَة - لأنَّ الحكم إذا عُلِّق بوصف وُجد بوجوده وانتفى بانتفائِهِ، ويدلُّ لهذا أنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ"(١).
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الصِّدْق سببٌ للهِدايَة؛ وجهه: أنَّه إذا كان الكَذِب سببًا للغِوَاية فضِدُّه سببٌ لضِدِّه، يكون الصِّدْق سببًا للهداية.
ويتفرَّع على هذه الفائِدَة: التَّرغيب في الصِّدْق، ولكن الصِّدْق مع الله، ومع رسول الله، ومع عباد الله؛ فالصِّدْقُ مع الله بالإخلاص له، ومع الرَّسول باتِّباعه، ومع عباد الله بحُسْن المعاملة، فعليك بالصِّدْقِ:"فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، والْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا"، جَعَلَنَا اللهُ وإيَّاكم منهم.
يقول بعض السُّفَهاء: الكَذِب منجاةٌ؛ ويقول بعض الباعَة: الكَذِبُ مساميرُ السِّلَع؛ ونقول: الكذب مَهْلَكَة، والصِّدْق منجاة.
وبالنسبة للسِّلَع فالذين يبيعون ويشترون ويقولون: اكْذِبْ لأجل تُحْكِم السِّلْعة مثلَ المساميرِ للأبوابِ؛ ماذا نقول لهم؟ نقول: بلِ اصْدُقُوا؛ فإن هذا هو المساميرُ، في
(١) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، رقم (٦٠٩٤)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، رقم (٢٦٠٧)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.