وهذا يَقتَضي العِناية بها، مثل قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} , {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}[النور: ٣٠ - ٣١]، وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا}[الزمر: ٥٣]، فهذه تَوْصية خاصَّة بأن يُبلِغها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الأُمَّة، فيَقتَضِي ذلك العِناية بهم.
ولْيُنتَبَهْ لهذه النُّقْطةِ: فإذا صدَّر الله تعالى الحُكْم بـ {قُلْ} دليل على العِناية به؛ لأن هذا أَمْر بإبلاغه على وجه الخُصوص، أمَّا القرآن فأُمِر أن يُبلِغه على سبيل العُموم؛ لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الخَلْق كلَّهم عِباد الله تعالى {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا}؛ لأن العِباد هنا المُراد بها: العِبادة العامة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن مَن تاب إلى الله تعالى تاب الله تعالى عليه من الشِّرْك فما دونَه، وهذا أمرٌ مُجمَعٌ عليه، لكن اختَلَف العُلَماءُ رَحِمَهُم اللهُ فيمَن قتَل نَفْسًا عمدًا هل له من تَوْبة؟
فرُوِيَ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه لا تَوبةَ لقاتِل (١)، فأَخَذ بها بعض العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ وقالوا: إن القاتِل لا تَوبةَ له ولو تاب، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأنه مُخالِف للآيات والأحاديث الدالَّة على قَبول توبة التائِب من الشِّرْك فما دونَه.
(١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}، رقم (٤٧٦٤)، ومسلم: كتاب التفسير، باب، رقم (٣٠٢٣).