وهذه الإنابةُ هي عمَل القَلْب، وهو رُجوع القَلْب إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وفي تَفسيره الإِسلام بالإخلاص نظَر، فالإِسلام هو الانقِياد وهو الاستِسْلام لله تعالى ظاهِرًا وباطِنًا؛ فقوله تعالى:{وَأَسْلِمُوا لَهُ} أيِ: استَسْلِموا له واخضَعوا لشَرْعه، وهذا عمَل الظاهِر، وهو عمَل الجَوارِح، فالإنابة بالقَلْب والإِسلام بالجَوارِح؛ قال رَحِمَهُ اللهُ: [{وَأَسْلِمُوا لَهُ} أَخلِصوا العمَل {لَهُ}]، وأَخَذ المُفَسِّر الإخلاص من قوله تعالى:{لَهُ} أي: لله تعالى كما قال تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ}[آل عمران: ٢٠]، فهذه الآيةُ فيها الأَمْر بالإنابة وهي في بالقَلْب، والأَمْر بالاستِسْلام له، وهي بالجَوارِح، والإخلاص مُستَفاد من اللَّام المَذكورة في قوله تعالى:{لَهُ}.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} مُتعلِّقة بـ {وَأَنِيبُوا} و {وَأَسْلِمُوا} فقد تَنازَعها العامِلان.
وقوله تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} يَعنِي: من الله تعالى {ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} يَعنِي: لا تُمنَعون من عَذاب الله تعالى.
وقوله تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} في الدُّنيا، قبل أن تَتَوقَّعوا ذلك، ثُمَّ إذا أَتاكم {لَا تُنْصَرُونَ} أي: لا تُمنَعون من هذا العَذابِ؛ لأنَّ الله تعالى إذا أَراد بقومٍ سُوءًا {فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}[الرعد: ١١] أي: من مُتولٍّ يَنصُرهم.
قال رَحِمَهُ اللهُ: [{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} بمَنْعه إن لم تَتوبوا] قوله رَحِمَهُ اللهُ: [إن لم تَتوبوا] راجِعٌ إلى قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ}؛ لأننا إذا تُبْنا رفَعَ الله عَزَّ وَجَلَّ العَذاب عنَّا.