الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تَحريم اتِّباع غير القُرآن؛ لأنه إذا وجَب اتِّباع القُرآن فضِدُّه حرام.
ولكن إذا قال قائِل: هل تَقولون: إن شَرْع مَن قَبْلَنا شَرْعٌ لنا؟
فالجَوابُ: أن في ذلك خِلافًا بين أهل العِلْم من أهل الأصول، والصحيح: أنه شَرْعٌ لنا ما لم يَأتِ شَرْعُنا بخِلافه، ونحن نَتَّبِع شَرْعَ مَن قَبْلَنا، لا لأنه شَرْعُ مَن قَبْلنا، ولكن لأن شَرْعَنا دلَّنا على العمَل به.
وأدِلَّة ذلك مَعروفة في أصول الفِقْه: منها قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠]، ومنها قوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[يوسف: ١١١]، ومنها قوله تعالى:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الممتحنة: ٤].
المُهِمُّ: أن القول الراجِح: أن شَريعة مَن قَبْلَنا شَرعٌ لنا بشَرْعنا ما لم يَرِد شَرْعُنا بخِلافه، فإن ورَدَ شَرْعُنا بخِلافه فهو مُطَّرَح.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الثَّناء على القرآن الكريم؛ لأنه أحسَنُ ما أُنزِل إلى العِباد، وعرَفنا أنه أحسَنُ في ذاتِه، وفي أَخْباره، وفي أَحْكامه، وفي آثاره؛ فلم تَنَلْ أُمَّةٌ العِزة والكَرامة كما نالَتْه هذه الأُمَّةُ بما آتاها الله تعالى من القُرآن.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن القرآن كلام الله تعالى؛ لقوله تعالى:{مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}.
فإن قال قائِل: هذا لا نُسلِّمه لكم؛ لأن ممَّا أَنزَل الله تعالى ما لا يَكون كلامًا له كقوله تعالى:{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، وقوله تعالى:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ}