للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَفعول {الْمُتَّقِينَ}، ولكن الصواب: أن نُقدِّر: (لكُنتُ من المُتَّقين الله)؛ لأن الأصل هو تَقوَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وتَقوى عذاب الله من تَقوَى الله تعالى، فيَنبَغي أن نُقدِّر الأَصْل، أي: لكُنتُ من المُتَّقين اللهَ تعالى.

وأَصْل التَّقوى مَأخوذة من الوِقاية، فأَصلُها (وَقْوَى) بالواو، لكن قُلِبت الواو تاءً لعِلَّةٍ تَصريفية، فإذا كانت من الوِقاية فسَّرْناها بأنها اتِّخاذُ ما يَقِي من عَذاب الله تعالى، ولا يَقِي من عَذاب الله تعالى إلَّا فِعْل أوامِره واجتِناب نواهِيه.

ولهذا نَقول: إنَّ أَجمَعَ ما قيل في التَّقوى أنها فِعْل الأوامِر واجتِناب النواهِي.

وقيل: إن التَّقوى أن تَعمَل بطاعة الله تعالى على نورٍ من الله تعالى تَرجو ثوابَ الله تعالى، وأن تَترُك ما نهى الله تعالى على نورٍ من الله تعالى تَخشَى عِقاب الله تعالى؛ وهذا المَعنَى أَطوَلُ ممَّا قُلْنا، لكن ما قُلْنا مُشتَمِلٌ عليه.

وقيل في التَّقوى:

خَلِّ الذُّنُوبَ صَغِيرَهَا ... وَكبِيرَهَا ذَاكَ التُّقَى

وَاعْمَلْ كَمَاشٍ فَوْقَ أَرْ ... ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَرَى

لَا تَحْقِرَنَّ صَغِيرَةً ... إِنَّ الجبَالَ مِنَ الحَصَى (١)

وهذا أيضًا تَعريفٌ شيِّق؛ لأنه مَنظوم، فقوله:

خَلِّ الذُّنُوبَ صَغِيرَهَا ... وَكبِيرَهَا ذَاكَ التُّقَى

والذُّنوب إمَّا فِعْل مُحرَّم، أو تَرْك واجِب.


(١) الأبيات لابن المعتز، انظر: ديوانه (ص: ٢٩).

<<  <   >  >>