وهنا قال تعالى:{أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ} والمُراد عَينُ اليَقين.
وقوله تعالى:{لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}: {لَوْ} هنا ليست شَرْطيةً، ولكنها للتَّمنِّي، يَعنِي: ليت لي كَرَّةً.
ونَستَطرِد فنَقول:(لَوْ) تَأتِي شَرْطية، وتَأتِي للتَّمنِّي، وتَأتِي مَصدريةً؛ ثلاثة مَعانٍ:
فتَأتي شَرْطية فيما إذا قُلت: لو زُرْتَني لأَكَرَمْتكَ. وعلامتها: أن يَحِلَّ مَحلَّها (إِنِ) الشَّرْطية: لو زُرْتَني لأَكرَمْتك. اجعَلْ بدَلَها (إِنْ): إن زُرْتَني أَكرَمْتك.
والثانية المَصدَرية وهي التي تَأتي غالِبًا بعد (وَدَّ) كقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}[القلم: ٩]، وعلامتها: أن يَحِلَّ محَلَّها (أَنِ) المَصدَرية {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ}، ولو وضِعَت بدلها (أَنْ): ودُّوا أَنْ تُدهِن؛ لا يَصِحُّ الكلام، ولا يَصِحُّ أن تَضَع بدَلَها (أَنْ) في القُرآن، ويَصِحُّ تَقديرًا {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}، فلو جُعِلَتْ بدَلَها (أَنِ) استَقام الكلام، لكن لا يَجوز في القرآن أن تُجعَل بدلَها (أَنْ).
ولو قُلت: وَدِدْتُ لو زُرْتَني. لكان صحيحًا، لكن هنا إذا حوَّلتها إلى (أَنْ) فحَوِّلِ الفِعْل إلى مُضارِع: وَدِدْت أن تَزورَني.
بقِيَ عندنا التَّمَنِّيَّة التي للتَّمنِّي، وتَكون بمعنى: أَتمَنَّى، يَعنِي: يُعيِّن مَعناها السِّياق، فهنا {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ} لو وُضِعَتْ بدلَها: أَتمَنَّى؛ كان المَعنَى: أَتمنَّى أن يَكون لي كرَّةٌ فأَكون من المُؤمِنين؛ ويَدُلُّك لهذا قولُه تعالى في سورة الأنعام:{يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا}[الأنعام: ٢٧].