للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجَوابُ: كما تَقدَّم وقُلْنا: لله تعالى يَدٌ يمين ويدٌ شِمال، لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ" (١)، يَعنِي: من اليُمن وهو البرَكة؛ ولدَفْع تَوهُّم أن تَكون اليد الأُخرى ناقِصةً؛ لأن اليَدَ الشِّمال بالنِّسبة لنا ناقِصة عن اليَد اليمين، وقد أَفتَى شيخ الإسلام مُحمَّدُ بنُ عبد الوهَّاب رَحِمَهُ اللهُ في آخِر (كتاب التوحيد) فقال: وفيه التصريح بالشِّمال لله عَزَّ وَجَلَّ (٢).

قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ} اسمُ مَصدَر، وفِعْله: سبَّح، والمَصدَر: تَسبيحٌ، واسمُ المَصدَر: سُبحانَ، وهو مَنصوب على المَفْعولية المُطلَقة دائِمًا، ومُلازِم للإضافة غالِبًا.

وعلى هذا فلا يُخطِئ المَرء في إعرابه؛ فيُعرِبه دائمًا على أنه مَفعول مُطلَق لفِعْلٍ مَحذوف، والتَّقدير: يُسبِّح تَسبيحًا.

وقوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي: تَنزيهًا له، فقَدْ فسَّرْنا كلمة التَّسبيح من حيث التَّصريف، أمَّا مَعنَى التسبيح: التَّنزيه؛ لأنه مِن سبَح يَسبَح إذا بَعُد في الماء، فالتَّنزيهُ: الإبعاد عن السُّوء؛ وعلى هذا فمَعنَى: (سُبحانَ اللهِ) أي: تَنزيهًا له، ويُنَزَّه الله تعالى عن شيئين:

١ - عن مُماثَلة المَخلوق.

٢ - وعن كل نَقْص وعَيْب في صِفاته.

فمثَلًا: قُدْرته مُنَزَّهة عن العَجْز، وعِلْمه مُنزَّهٌ عن الجَهْل والنِّسْيان، وقوَّتُه مُنزَّهة عن الضَّعْف، ويَدُه مُنزَّهة عن مُماثَلة المَخلوقين، ووجهُه كذلك، وهلُمَّ جَرًّا.


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإمارة، باب فضل الإمام العادل، رقم (١٨٢٧)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
(٢) كتاب التوحيد (ص ١٥٠).

<<  <   >  >>