قال: سُرِق مَتاعي. فهذا مَبنيٌّ للمَجهول؛ لأنه لا يُمكِن أنه يُريد السَّتْر على السارِق!.
قوله تعالى:{وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أي: جزاءَه] حمَلَه على هذا التأويلِ أن العمَلَ قد مضَى في الدنيا، والذي تُوفَّى النفسُ هو الجَزاءُ، كما قال الله تعالى:{جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: ١٧].
فإذا قال قائِل: الأمر واضِح كما قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ، لكن ما الحِكْمة في أن الله عَزَّ وَجَلَّ عبَّر بالعمَل عن جَزاء العمَل؟
فالجَوابُ: الحِكْمة في ذلك: الإشارة إلى أن الجَزاء لا يَتَجاوَز العمَل، ولا يَنقُص عن العمَل، فكأنه هو العمَل، فإذا كان لا يَتَجاوَزه ولا يَنقُص عنه فكأنه هو العمَل، وهذا هو كَمال العَدْل، وكما تَدين تُدانُ.
قوله تعالى:{وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} الضمير (هو) يَعود على الله عَزَّ وَجَلَّ، يَعنِي: كأنَّ قائِلًا يَقول: كيف يَعلَم ما عمِلت النَّفْس، وقد مضت دُهور ودُهور وفي العمَل الدقيق والجَليل؟ فقال:{وَهُوَ} أيِ: الله {أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ}، يَعنِي: لا يَخفَى عليه شيء، وهو عَزَّ وَجَلَّ لا يَضِلُّ ولا يَنسَى، فلا يُمكِن أن يَفوت شيء من عمَل الإنسان.
وقول المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: أي: [عالِمٌ {بِمَا يَفْعَلُونَ}] تفسيره {أَعْلَمُ} بـ (عالِم) يُعتَبَر تفسيرًا قاصِرًا؛ لأن (أَعلَم) أعلى درجةً من عالِم، فإنك تَقول: زيد عالِم، وعَمرٌو عالِم، فيَتَساوَيان في العِلْم، وتَقول: زَيْد أَعلَمُ من عَمرٍو، فيَكون زَيْدٌ أَعلَمَ وأعلى درجةً من عَمرٍو.
فالمُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ الآنَ إذا قال:{أَعْلَمُ} أي: [عالِم] نقَص من عِلْم الله تعالى؛ لأن كلِمة (عالِم) لا تمَنَع المُشارَكة، لكن (أَعلَم) تَمنَع المُشارَكة؛ لأنه لا يَستَوِي الأفضل والمَفضول.