وعِشْرين، والباقون لا نَعلَمهم؛ لقوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}[غافر: ٧٨]، يَعنِي: ليس كلُّ الرُّسُل قُصُّوا عليك، قال بعضُ العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ: ولم يُقَصَّ علينا إلَّا مَن كانوا في الجَزيرة العربية أو ما حولها، يَعنِي لم يُقَصَّ علينا الرُّسُل الذين في أمريكا، أو أَقصى آسيا، أو ما أَشبَه ذلك، إنما قُصَّ علينا مَن كانوا حولَنا؛ لأن هؤلاء يُمكِن أن نَعتَبِر بهم أَكثَرَ من الآخَرين.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: بيان مُقتَضى الربوبية - أَعنِي: ربوبية الله - أنها رُبوبية مَبنيَّة على الرحمة؛ لقوله تعالى:{يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ}، فلو أن الله تعالى ترَكَنا همَلًا لم تَكُن رُبوبيته تامَّةً، لكنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يَتْرُكْنا همَلًا، بل أَرسَل إلينا الرّسُل، فتَمَّت بذلك الرُّبوبيَّةُ التي كان مُقتضاها هِداية الخَلْق.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: اعتِناء الرُّسُل باليوم الآخِر، حيث يُنذِرون الناس به؛ ووجهُ ذلك: أنه إذا لم يَكُن يومٌ يُرجَع فيه الناس إلى الله تعالى وتُوفَّى كلُّ نفسٍ ما عمِلت فإن الناس لا يَعمَلون ولا يَهتَمُّون بالعمَل، فإذا كان الناس يَعيشون في الدنيا ما شاء الله تعالى أن يَعيشوا ثُم يَموتون ولا يَرجِعون فلا يُمكِن لأحَدٍ أن يَستَقيم إلَّا بما أَملاه عليه ضميرُه، أمَّا أن يَستَقيم على ما أُمِر به فهذا بعيد جِدًّا؛ لأن الإنسان يَقول: إنه سيَعيش ثُم يَموت ولا شيءَ بعد ذلك، لكن إذا علِم وأَيقَن أنه سيَكون يومٌ يُبعَث فيه ويُجازَى على عمَله فحينئذ لا بُدَّ أن يَحرِص للاستِعْداد لهذا اليَومِ؛ ولهذا قال تعالى:{وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إقرار المُكذِّبين في ذلك اليومِ إقرارًا كامِلًا لقولهم: {بَلَى}، و (بَلَى) حَرْف جواب لإثبات النَّفيِ المُصدَّر بالاستِفْهام، فمثَلًا: إذا قُلت: