للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من القُرآن: أن خُلود أهل النار فيها أَبَديٌّ.

أمَّا أهل الكبائِر فدُخولُهم بلا خُلود، وأمَّا أهل النار - الذين هُمْ أهل النار - فإنه دُخول بخُلود، وتَقدَّم أن بعض العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ يَقول: الخُلود هو المُكْث الدائِم، وبعضهم يَقول: هو المُكْث غير الدائِم، ولكن على هذا القولِ يَكون هذا الخُلودُ مُقيَّدًا بالآيات الأخرى الدالَّةِ على الدوام.

مَسأَلةٌ: في قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: ١٠٦، ١٠٧] هل استَثْنى الله تعالى خُلودهم بالمَشيئة؟

الجَوابُ: أن قوله تعالى: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} عائِد على دوام السمَوات والأرض، يَعنِي: إلَّا ما شاء ربُّك ممَّا فوقَ ذلك؛ لأن دوامَ السمَواتِ والأرض مُؤقَّت، لكن عذاب هؤلاء غيرُ مُؤقَّت؛ فقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ممَّا فوق ذلك إلى ما لا نِهايةَ له، فقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} مَعناها: خالِدين فيها مُدَّةَ دوام السماء والأرض {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} يَعني: إلَّا الذي زاد على مُدَّة دوام السموات والأرض، وهو ما شاء الله تعالى؛ وهذا إذا جعَلنا الاستِثْناء مُتَّصِلًا؛ أمَّا إن جعَلْناه مُنقَطِعًا وصار مَعنَى {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}، لكن ما شاء الله فلا حدَّ له؛ فالمَعنَى واضِح.

وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}: (بِئْس) فِعْل ماضٍ جامِدٌ لا يَتَصرَّف، وهو مُحتاج إلى فاعِل وإلى مَخصوص، ففاعِله {مَثْوَى}، ومَخصوصه مَحذوف، قدَّره المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ بقوله: [جَهنَّم]؛ والمَثوَى: المَأوَى.

<<  <   >  >>