فيَجْمَعون بين تَعظيم الله تعالى بالفِعْل وتَعظيمه بالقول.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: اختيار الجَمْع بين التسبيح والحمد؛ لقوله تعالى:{يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} وذلك لأن بالتَّسبيح زوال النَّقْص والعَيْب، وبالحمدُ إثباتُ الكمال.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ربٌّ لهؤلاءِ المَلائِكةِ مع عِظَمهم؛ لقوله تعالى:{يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} وأن رُبوبيته للمَلائِكة رُبوبية خاصَّة بدليل الإِضافة.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ الله تعالى يَقضِي بعد هذا كلِّه بين الخَلْق بالعَدْل؛ لقوله تعالى:{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أي: حُكِم بينهم، وقضاء الله تعالى نَوْعان: كونيٌّ وشَرْعيٌّ.
فالشَّرعيُّ: مثل قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[الإسراء: ٢٣]، يَعنِي: وصَّى ألَّا نَعبُد إلَّا الله تعالى.
والكونيُّ: مثل قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}[الإسراء: ٤]، فإن هذا لا يُمكِن أن يَكون قضاءً شَرْعيًّا؛ لأنَّ الله تعالى لا يَقضِي بالفَساد، ولكنه قضاءٌ كَوْنيٌّ.
وبهذا نَعرِف الفرق بين القضاء الكَوْنيِّ والشَّرْعيِّ:
الفَرْقُ الأوَّل: أن الكونيَّ فيما يُحِبُّ وما لا يُحِبُّ، والشرعيُّ فيما يُحِبُّ.
والفرقُ الثاني: أن الكونيَّ لا بُدَّ من وقوع المَقْضِيِّ، والشَّرْعيُّ لا يَلزَم منه وقوع المَقضِيِّ، فقد يَقَع وقد لا يَقَع.
فإن قال قائِل: يَرِد كثيرًا: (القضاءُ الكونيُّ)، و (القدَر الكونيُّ) و (الحُكْم الكونيُّ)؛ وكذا (الشَّرْعيُّ)، والفُروق بينهم ليسَتْ فُروقًا، فما هذا؟