هذا والخطيب له عناية فائقة بضبط الأشعار التي أوردها في كتاب المؤتنف، وأكثرها من كتاب (المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء) لأبي القاسم الآمدي، وكذلك بضبط الغريب الذي ورد في بعض النصوص الأدبية، والتي لا يكاد يخطئ القارئ أبدًا أن الخطيب كان مولعًا بالأدب، وشعره هو نفسه خير من ينبئك عن ذلك، وسيأتي بعضه في أثناء ترجمته.
كما أنه لم يقتصر في الفصل الثالث على ذكر من أغفلا ذكره وله عندهما نظائر وحسب، بل ربما ذكر بابًا لم يذكراه أصلا. بقوله بعد أن ينتهي من ذكر ما أغفلاه في الباب: ويلحق بهذا الباب …
وهذا الفصل، أعني الثالث هو الذي استغرق أكثر من ثلثي الكتاب المتبقي.
ثم يأتي الفصل الرابع من الكتاب والذي افتتحه الخطيب ﵀ بقوله:«ذِكرُ الفَصْل الرَابع مِنْ الكِتَاب، ويَشْتَمِلُ عَلى أَشياءَ غَامِضَةٍ قَصَّرَ الشَّيْخَان في بيانها، فَشَرَحْنَاها وَأوْضَحناهَا، وأَشْياءَ كَانَا بَيَّنَاهَا، وعَرفْنا فِيها زِيادَةً يَسْتَفِيدُها طَلَبةُ العِلم فَذَكَرْنَاها».
ثم الفصل الخامس من الكتاب والذي عنونه بقوله:«ذِكْرُ الفَصْل الخَامِس مِنْ الكتاب، وهو المُشْتَمِل على الأَحَادِيثِ التي رَواها الشَّيخَان، أو أَحَدُهُما نَازِلَةً، وَوَقَعَتْ إِلَيْنَا عَالِيَةً، والأَحَادِيثِ التي لم يَذْكُرَاها، ويَسْتَفِيدُهَا الطَّلَبَة، لِعُلُوِّها أو ضِيْقِ طُرُقِهَا».
وبالفصلين الأخيرين تظهر موهبة الخطيب الإسنادية، ومعرفته بالعلل ومراتب نقد الروايات، والضبط العالي لألفاظ متون الحديث وذلك مع ضبط رواته.