للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقل النبي صلّى الله عليه وسلم : فإن (١) لم يكن محل للاجتهاد؟ (٢).

(الشرعية) : أي : المأخوذة من الشرع (٣)، بمعنى : أنه لا مدرك لها إلا منه.

وذكر ابن القيم (إعلام الموقعين : ١/ ٢٠٢) نحوا مما ذكره الخطيب ولكنه نبه خلال ذلك على وجهين معتبرين من النظر، فقال : «فهذا حديث، وإن كان عن غير مسمين، فهم أصحاب معاذ، ولا يضره ذلك؛ لأنه يدل : على شهرة الحديث، وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي. كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى. ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك؟! كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث وقد قال بعض أئمة الحديث إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به؟!».

وملخص ما ذكر أنه : إذا اعتبرت الجهالة بالحارث قادحا في الحديث فإن في رواية من ذكر من الأئمة عنه تزكية. وإذا اعتبرت الجهالة بأصحاب معاذ قادحا فإن الفضل المعروف لمجموعهم تزكية. وقد خرج الحديث من أئمة هذا الشأن - كما فصلناه ابتداء - من لا يخرج ساقطا ولا متروكا. هذا وقد استدل العلماء على حجية الاجتهاد من وجوه المنقول والمعقول بالأمر اليقين، فمعنى الحديث صحيح مكين، والحمد لله رب العالمين.


(١) في (ب) و (د) : (فإذا).
(٢) (الطرة) : قضية معاذ رضي الله عنه [وذكر الحديث بمعناه ثم قال : ] فسكت النبي صلّى الله عليه وسلم وأقره على ذلك، ولو كان هنالك بعض الأحكام لا يمكن فيها الاجتهاد لقال له : فإن لم يكن محل للاجتهاد ماذا تفعل؟ فهو ظاهر.
(٣) (الطرة) : يريد أن النسبة من حيث الأخذ، وأورد : أن الشرع هو النسب التامة، فيلزم اتحاد المأخذ والمأخوذ منه، وأجيب : بأن في العبارة مضافا محذوفا، أي : «المأخوذ من أدلة الشرع».

<<  <   >  >>