أيعذر لاهينا ويلحين في الصبا ... وما هن والفتيان الاشقائق
فقال له القوم: إنما أفلت من الجراحة التي جرحك أبوك آنفاً، وقد عاودت ما يكرهه، فأمسك عن هذا ونحوه إذا لقيته، لا يلحقك منه شر وعر.
فقال: إنها خطرة خطرت، والراكب إذا سار يترنم.
وقد ذكر ابن قتيبة في كتاب الأشربة هذه الحكاية على غير هذه الصفة، وذكر لعقيل البيت الأول من بيتيه، وجعل بدل علفة أخاه عملس، وأنشد له البيت الأول أيضاً من بيتيه، ثم ذكر أنه أنحى على ابنته الجرباء يضربها بالسوط، فلما رأى ذلك بنوه وثبوا عليه، فشلوا فخذه بسهم، فقال:
إن بني زملوني بالدم ... من يلق آساد الرجال يكلم
شنشنة أعرفها من أخزم
وذكر أبو الفرج هذا الرجز في حكاية أخرى تتصل بزيد ابن عياش التغلبي والربيع بن نمير
قال: غدا عقيل بن علفة على أفراس له عند بيوته، فأطلقها، ثم رجع فوجد بنيه وأمهم مجتمعين، فشد بسيف، فحاد عنه، وتغنى بقوله:
قفي يا بنة المري نسألك ما الذي ... تريدين فيما كنت منيتنا قبل
نخبرك إن لم تنجزي الوعد أننا ... ذواخله لم يبق بينهما وصل
فإن شئت كان الصرم ما هبت الصبا ... وإن شئت لا يفنى التكارم والبذل
فقال عقيل: يا بن اللخناء، متى منتك نفسك هذا! وشد عليه بالسيف - وكان عملس أخاه لأمه، فحال بينه وبينه - فشد على عملس بالسيف، فرماه علفة بسهم، فأصاب ركبته، فسقط عقيل، وجعل يتمعك في دمه، ويزمجر بالرجز المقدم. وبعده:
من يلق أبطال الرجال يكلم ... ومن يكن ذا أودٍ يقوم
قال المدائني: وأخزم فحل لرجل كان منجباً، فضرب في إبل رجل آخر، ولا يعلم صاحبه، فرأى بعد ذلك من نسله جملاً، فقال: شنشنة أعرفها من أخزم، فأرسلت مثلاً.
قال علي بن ظافر: ذكر الحريري في تفسير بعض مقاماته، أن أخزم جد حاتم الطائي، وأن جده الأدنى سعدا ضربه له مثلا، لما رأى منه تخلقه بأخلاقه وآثاره، والشنشنة: الشبه.
والصحيح ما ذكره أبو الفرج، وهذه الفعلة من علفة كانت سبب تفريق عقيل أولاده وطردهم عنه، وكانوا يقصدون أذاه بإنشاد الغزل بحضرة أخواتهم، لأنه كان مفرط الغيرة مبالغاً في الظنة، شديد الرقاعة،