سقى الله يومي بدار القصير ... قصير العزالى طويل الذيول
محل إذا لاح لي لم أقف ... بصحبي على حوملٍ فالدخول
فقلت:
فكم فيه من قمرٍ في دجىً ... على غصنٍ في كثيب مهيل
بلحظٍ صحيحٍ وطرف سقيمٍ ... وروحٍ خفيفٍ وردف ثقيل
فقال الأعز:
قطعت به العيش مع فتيةٍ ... صباح الوجوه كرام الأصول
بكل كريم قصير المرا ... ء حاز المعالي بباعٍ طويل
فقال الشهاب:
إذا فمه سل سيف المدام ... فكم من سليبٍ وكم من قتيل
فقال الأعز:
وكم من خليعٍ كريم الفعال ... يجدد بالجود غيظ البخيل
فقلت:
نوافيه ذا ذهب جامدٍ ... فيفنيه في ذائب للشمول
ثم صنع الشهاب فيه على غير هذا الروي والوزن، فقال:
على عمر القصير قصرت عمري ... وصنت خلاعتي وأزلت وقري
فقال الأعز:
ولم أسمع لعمري قول زيدٍ ... إذا ما لامني أو قول عمرو
فقلت:
ظفرنا فيه من شفةٍ وكأسٍ ... بمشروبين من ريقٍ وخمر
فقال الشهاب:
ودافعنا يقين الدين فيه ... بمظنونين من خمرٍ وخصر
فقال الأعز:
كسوت به كئوس البيض حمراً ... من القمص اشتريناها بصفر
فقلت:
وظلت بمارق للهو أتلو ... بهز البيض فيه عناق سمر
[قال علي بن ظافر]
وجلسنا يوماً في روضٍ قد ماست قدوده، واخضرت بروده، وخجل ورده من عيون نرجسه فاحمرت خدوده، والروض يهدي إلى الآفاق طيب عرفه، والنسيم يركض في ميادين الأزهار بطرفه، فقلت:
بعث النسيم إلى الرياض رسولا ... يوحي إليه بكرةً وأصيلا
فقال الأعز:
يدعو إلى شرب المدام فليتني ... كنت اتخذت مع الرسول سبيلا
فقال الشهاب:
ياويلتا ذهب الشباب فليتني ... لم أتخذ فيه العفاف خليلا
[ومما روي في مثل هذا إلا أنه روي عن قوم مجاهيل]
فأخرنا ذكره، حتى انتهى الترتيب، ولم نر إخلاء الكتاب من ذكره؛ لأنه يجري مجرى الملح، ما روي أن ثلاثة من الكتاب خرجوا إلى متنزه، فبينما هم يأكلون طعاما كان معهم، إذا بمتطفل