أبو ناضرة إلى عبيد الله بن سليمان، فقال:
أيظعن في جملة الظاعنين ... غداً أم يقيم أبو ناضرة؟
فقال الوزير:
يقيم يقيم على رغمه ... وتحلق لحيته الوافرة
فقال عبيد الله بن الفرج، كاتب سر عبد الله سراً:
ويصفع من غير ما حشمةٍ ... وتؤتى حليلته الفاجرة
[وذكر أبو عبد الله التنوخي في كتاب نشوار المحاضرة]
قال: حدثني محمد بن الحسن البصري، قال: حدثني الهمداني الشاعر، قال: قصدت ابن الشملغاني في ما درايا، فأنشدته قصيدةً قد مدحته بها، وتأنقت فيها، وجودتها؛ فلم يحفل بها. فسكنت أغاديه كل يوم، وأحضر مجلسه إلى يتقوض الناس؛ فلا أرى للثواب طريقاً. فحضرته يوماً، وقد احتشد مجلسه، فقام شاعر؛ فأنشد نونية، إلى أن بلغ فيها إلى بيت هو:
فليت الأرض كانت مادرايا ... وليت الناس آل الشلمغاني
فعن لي في هذا الوقت هذا البيت، فقمت إليه مسرعاً:
إذا كانت بطون الأرض كنفاً ... وكل الناس أولاد الزواني
فضحك، وأمرني بالجلوس، وقال: نحن أحوجناك لهذا، وأمر لي بجائزة سنية، فأخذتها وانصرفت.
وكان أبو عمر أحمد بن عبد ربه صديقاً لمحمد بن يحيى بن القلفاظ الشاعر
ثم فسد ما بينهما وتهاجيا؛ وكان سبب الفساد بينهما أن ابن عبد ربه مر يوماً، وكان في مشيته اضطراب؛ فقال: يا أبا عمر؛ ما علمت أنك آدر إلا اليوم لما رأيت مشيتك، فقال له ابن عبد ربه: كذبتك عرسك أبا محمد! فعز على القلفاظ كلامه، وقال له: أتتعرض للحرم! والله لأرينك كيف الهجاء! ثم صنع قصيدة أولها:
يا عرس أحمد إني مزمع سفرا ... فودعيني سراً من أبي عمرا
ثم تهاجيا بعد ذلك. وكان القلفاظ يلقبه بطلاس، لأنه كان أطلس لا لحية له؛ ويسمى كتابع العقد حبل القوم؛ فاتفق اجتماعهما مرة عند بعض الوزراء، فقال الوزير للقلفاظ: كيف حالك اليوم مع أبي عمر؟ فقال مرتجلاً:
حال لي طلاس عن رائه ... وكنت في قعدد أبنائه
فبادره ابن عبد ربه، فقال: