قضية للمتوكل أوجبت أن ارتجل إبراهيم:
صد عني وصدق الأقوالا ... وأطاع الوشاة والعذالا
أتراه يكون شهر صدودٍ ... وعلى وجهه رأيت الهلالا
فطرب المتوكل، وأقره على عمله، وسوغه ما عليه.
[وذكر أبو الفرج في كتاب القيان والمغنين]
انه كان يعشق جارية لبعض الهاشميين يقال لها أمل، فدعا إخواناً له من أجلاء الكتاب، ودعاها ودعا قياناً غيرها، فحضروا وتأخرت، فتنغص عليه يومه من أجلها، ثم جاءت فسرى عنه، وطرب وشرب، وكتب ارتجالا:
ألم تريا يومنا إذ نأت ... فلم تأت من بين أترابها
وقد غمرتنا دواعي السرور ... بإلهائها وبإطرابها
ومدت علينا خيام النعيم ... وكان المني بعض أطنابها
ونحن فتور إلى أن دنت ... وبدر الدجى بين أثوابها
فلما نأت كيف كنا لها ... ولما دنت كيف صرنا بها
وقرئت عليها الأبيات، فقالت: ليس الأمر كذلك، قد كنتم قبلي في لذة، وإنما تجملتم بهذا لما حضرت، فقال:
يامن حنيني إليه ... ومن فؤادي لديه
ومن إذا غاب من بي ... نهم أسفت عليه
من غاب غيرك منهم ... فإذنه في يديه
فرضيت عنهم، وأتموا يومهم.
[وحكى أن علي بن الجهم]
قال: كنت بين يدي المتوكل، وقد أتاه رسول برأس إسحاق بن إسماعيل، فقال علي بن الجهم يخطر بين يدي الرسول، وهو يرتجز:
أهلاً وسهلا بك من رسول ... جئت بما يشفى من الغليل
برأس إسحاق بن إسماعيل
فقال المتوكل: التقطوا هذا الجوهر لا يضيع.
قال علي بن ظافر: إسحاق بن إسماعيل هذا مولى لبني أمية، خرج بتفليس في سنة سبع وثلاثين ومائتين، حين وثب أهل أرمينية بعاملهم من جهة المتوكل يوسف بن محمد بن يوسف. وتولى قتل إسحاق هذا بغا الكبير في سنة سبع وثلاثين؛ ولم يكن بين اغتباط المتوكل بعلى هذا الاغتباط وبين نفيه إلا نحو سنة، لأنه نفاه إلى خرسان في سنة ثمان وثلاثين.
[وذكر ابن أبي طاهر في أخبار بغداد]
عن محمد بن عبدوس الفارسي