سقى الله دهراً لم أبت فيه ليلةً ... من الدهر إلا من حبيب على وعد
قال علي بن ظافر
وهذه الحكاية تشبه حكاية ذكرها الفتح ابن خاقان في قلائد العقيان أوردتها ها هنا قاطعاً ترتيب الحكايات طلباً للمجانسة حتى إذا نجزت عدنا لترتيب الأخبار على ترتيب الأعصار، قال الفتح بن خاقان: أخبرني الوزير أبو عامر بن يشتغير أنه حضر مجلس القائد أبي عيسى بن لبون في يوم سفرت فيه أوجه المسرات، ونامت عنه أعين المضرات، وأظهر سقاته غصونا تحمل بدوراً، وتطوف من المدام بنار مازحت من الماء نوراً، وشموس الكاسات تشرق في أكف سقاتها كالورد في السوسان، وتغرب بين أقاحي نجوم الثغور فتذبل نرجس الأجفان. وعنده الوزير أبو الحسن بن الحاج اللورقي، وهو يومئذٍ قد بذل الجهد، في التحلي بالزهد، فأمر القائد ساقيه أن يعرض عليه ذهب كاسه، ويحييه بزبرجد آسه، ويغازله بطرفه، ويميل عليه بعطفه، ففعل ذلك عجلا، فأنشد أبو الحسن مرتجلا:
ومهفهفٍ مزج الفتور بشدة ... وأقام بين تبذلٍ وتمنع
يثنيه من فعل المدامة والصبا ... سكران: سكر طبيعةٍ وتصنع
والله لولا أن يقال هوى الهوى ... منه بفضل عزيمةٍ وتمنع
لأخذت في تلك السبيل بمأخذي ... فيما مضى ونزعت فيها منزعي
[أخبرنا المسكي]
عن السلفي، عن جعفر بن أحمد بن السراج، وابن يعلان الكبير، قالا: أنبأنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجستاني، قال: أخبرنا أبو يعقوب النجيرمي، حدثنا أبو الجود العروضي، عن جحظة البرمكي، قال: حدثنا أبو عبادة البحتري الشاعر - وكان المتوكل أدخله في ندمائه - قال: دخلت على المتوكل يوماً، فرأيت في يديه درتين، ما رأيت أشرق من نورهما، ولا أنقى بياضاً ولا أكبر، فأدمت النظر إليهما، ولم أصرف طرفي عنهما، ورآني المتوكل، فرمى إلى التي كانت في يده اليمنى، فقبلت الأرض، وجعلت أفكر فيما يضحكه طمعاً في الأخرى، فعن لي أن قلت: