[وبهذا الإسناد قال الحميدي]
وذكر أبو بكر المرواني أنه شاهد محبوباً الأديب الشاعر النحوي قال بديهةً في وصف ناعورة.
وذات حنينٍ ما تغيض جفونها ... من اللجج الخضر الصوافي على شط
وتبكي فتحي من دموع عيونها ... لآلي رياضٍ بالأزهر في بسط
فمن أحمرٍ قانٍ وأصفر فاقعٍ ... وأزهر مبيض وأدكن مشمط
كأن ظروف الماء من فوق متنها ... لآلي جمانٍ قد نظمن على قرط
[أنبأني ذو النسبتين الحافظ]
أن دحية، عن الأستاذ المفيد أبي بكر محمد بن خبر بقراءته عليه، عن الفقيه الحافظ أبي القاسم خلف الشنتريني عرف بابن الأبرش - بقراءته على أبي الحسن على بن بسام، قال: أمر الحاجب المنذر بن يحيى النجيبي صاحب سرقسطة بعرض الجند في بعض الأيام، وأميرهم مملوك له رومي يقال له خيار في نهاية الجمال، فجعل ينفخ في القرن ليجتمع أصحابه على عادتهم في ذلك، فقال ابن هند الدانى فيه ارتجالا:
أعن بابلٍ أجفان عينيك تنفث ... ومن قوم موسى أنت للعهد تنكث
أفي الحق أن تحكى إسرافيل نافخاً ... وأمكث في رمس الصدود وألبث
عساك خيار الناس تأتي بآيةٍ ... فتنفخ في ميت الغرام فيبعث
[قال وكان بقرطبة غلام وسيم فمر عليه ابن فرج الجياني ومعه صاحب له]
فقال صاحبه: إنه لصبيح لولا صفرة فيه، فقال ابن فرج ارتجالا:
قالوا به صفرة عابت محاسنه ... فقلت: ما ذاك من عيب به نزلا
عيناه تطلب في آثار من قتلت ... فلست تلقاه إلا خائفاً وجلا
قال وكان يوماً مع لمةٍ من أهل الأدب في مجلس أنس
فاحتاج رب المنزل إلى دينار، فوجه من يأتيه به من السوق، فدخل غلام من الصيارف في نهاية الجمال، فرمى بالدينار إليهم من فيه مماجناً، فقال ابن فرج بديهاً:
أبصرت ديناراً بكف مهفهف ... يزهى به من كثرة الإعجاب
أومى به من فيه ثم رمى به ... فكأنه بدر رمى بشهاب
[وذكر الفرج بن إبراهيم الكاتب في سريرة الألباب وذخيرة الكتاب]
قال: دخلت يوما ديوان الإنشاء بمصر، ومتوليه ولي الدولة ابن خيران، فلم أجده في الديوان، إلا أني وجدت الكتاب على رسمهم، والناس على جارى عاداتهم،