[أنبأني الشيخان]
تاج الدين بن اليمن الكنديوقاضي القضاة جمال الدين أبو القاسم بن الحرستاني إجازة، عن الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، قال: وقد ذكر إبراهيم بن سعيد الإسكندري المعروف بالسديد، وذكره لنا أبو عبد الله بن المحلي فيمن لقيه من أهل الأدب قال: كان صاعد قد عمل شخص حديد ينفخ النار ساعات، فأراد السديد اختباره كما يجب، فأطفأ النار، فقال صاعد بديهاً:
نار تيممها السديد فردها ... برداً وكانت قبل وهي جحيم
فكأنما المفتاح آية ربه ... وكأن إبراهيم إبراهيم
وأنبأني جميعاً عن الشيخ الحافظ أبي القاسم
قال: أنشدنا أبو بكر عبد الله بن منصور، قال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن علي بن الصفراء الواسطي لنفسه ارتجالا، وقد دخل عزاء لصبي، وهو في عصر المائة، وبه ارتعاش، فتغامز عليه الحاضرون فقال:
إذا دخل الشيخ بين الشباب ... عزاءً وقد مات طفل صغير
رأيت اعتراضاً على الله إذ ... توفى الصغير وعاش الكبير
فقل لابن شهر وقل لابن ألفٍ ... وما بين ذلك: هذا المصير
[وبهذا الإسناد قال الجاحظ]
أخبرني أبو عبد الله محمد ابن عبد الواحد بن أحمد الغساني قال: سمعت أبي ينشد لنفسه يديهاً في صفة نهر ثوراء بحضرة أبي عبد الله محمد بن الخياط الشاعر:
دمشق دار رعاها الله من بلدٍ ... ونهر ثورا سقاه الله من واد
كأنه ونسيم الريح خمشه ... نقش البارد في سلسساله الهادي
مزجت بالراح منه الراح فاكتسبت ... لوناً وطعماً غريباً غير معتاد
في روضةٍ من رياض الخلد باكرها ... صوب الغمام بإبراقٍ وإرعاد
ظللت فيها رخى البال مع رشاءٍ ... مهفهفٍ كقضيب البان مياد
[قالا وأخبرنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي]
قال: أنشدني أبو البركات الخضر بن هبة الله بن أبي الهمام لنفسه، وكتب لي بخطه مما أنشده، وقد حضر بين يدي أمير المؤمنين الراشد بالله بن المسترشد على البديهة:
ولما شأوت الحاسدين إلى مدىً ... رفيع يزل العصم دون مرامه
ورفعت الأستارلي دون ماجدٍ ... شفا غلتي من بشره وسلامه