للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سطوت على صرف الزمان بجوده ... وصلت على كيد العدا بانتقامه

[وأخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي القرموني]

قال: لما أفرط أبو يحيى البكاء في هجاء أهل فاس، تعصبوا عليه وساعدهم واليهم مظفر الخصي من قبل أمير المسلمين علي بن يوسف، والقائد عبد الله بن خيار الجياني، وكان يتولى أموراً سلطانية بها، فقدموا رجلا ادعى عليه بدين، وشهد عليه به رجل، فقيه يعرف بالزناتي، ورجل يكنى بابي الحسين من مشايخ البلد، فأثبت الحق عليه، وأمر به إلى السجن، فرفع إليه، وسيق سوقاً عنيفاً. فلما وصل بابه طلب ورقة من كاتب وكتب فيها، وأنفذها إلى مظفر مع العون الذي أوصله إلى السجن، فكان ما كتب:

ارشوا الزناتي الفقيه ببيضةٍ ... يشهد بأن مظفراً ذا بيضتين

واهدوا إليه دجاجةً يحلف لكم ... ما نال عبد الله عرس أبي الحسين

[وأخبرني الشيخان]

تاج الدين العلامة أبو اليمن الكندي، والشيخ جمال الدين أبو القاسم بن الحرستاني إجازة، عن الشيخ الحافظ أبي القاسم ابن عساكر قراءة عليه، قال: بلغني أن علقمة بن عبد الرازق العليمي لما قصد بدراً الجمالي بمصر رأى على بابه أشراف الناس وكبراءهم وشعراءهم، فسألهم عن حالهم، فأخبرهم بقدومه قاصداً له، فكل آيسه من لقائه، فبيناهم كذلك إذ خرج بدر يريد الصيد، فلما رآه مقبلا علا نشزاً من الأرض، ثم جعل في عمامته ريشة نعام ليشهر بها نفسه، فلما قرب إليه أومأ برقعة كانت معه وأنشأ يقول:

نحن التجار وهذه أعلاقنا ... درر وجود يمينك المبتاع

قلب وفتشها بسمعك إنما ... هي جوهر تختاره الأسماع

كسدت علينا بالشآم وكلما ... قل النفاق تعطل الصناع

فأتاك يحملها إليك تجارها ... ومطيها الآمال والأطماع

حتى أناخوها ببابك والرجا ... من دونها السمسار والبياع

فوهبت ما لم يعطه في دهره ... هرم ولا كعب ولا القعقاع

وسبقت هذا الناس في طلب العلا ... فالناس بعدك كلهم أتباع

يا بدر أقسم لوبك اعتصم الورى ... ولجوا إليك جميعهم ما ضاعوا

<<  <   >  >>