ونحن معه في بعض حوانيت الفسطاط، قال: كان أكثر قعود الحسن بن هانئ في هذا الحانوت، فمر به في بعض الأيام ابن عبد الحكم، وكان في يده سوط، فسلم علينا به، فقال الحسن:
سلم السوط إذ مررت علينا ... فعلى السوط لا عليك السلام
فقال ابن عبد الحكم لمن معه: من هذا؟ فقيل: هذا الحسن بن هانئ. فرجع إليه ونزل واعتذر، فقبل الحسن بن هانئ عذره وألطفه.
[وذكر أبو الفرج في كتاب القيان والمغنين]
أنه كان بالكرخ مغن يقال له أبو عمير، وكان له قيان حسان، وكان عبد الله بن محمد. أظنه التيمي - قد عشق جارية منهن، يقال لها عبادة فكان يغشى منزله وينفق فيه. ثم أضاق إضافة شديدة حملته على انقطاع عنهم، وكره أن يقصر عما كان عليه من برهم، ثم نازعته نفسه إلى لقائها وزيارتها، فأتاها فأصاب عندها جماعة ممن كان يألف منزل مولاها، فرحبت به الجارية وسيدها، واستبطئو زيارته وعاتبوه على تأخره عنهم، فجعل يجمجم في عذره، ولا يصرح، فلما سكر رفع عقيرته منشداً:
لو تشكى أبو عمير قليلاً ... لأتيناه من طريق العياده
وقضينا من الزيارة حقا ... ونظرنا لمقلتي عباده
فقال له أبو عمير: مالي ولك يا بن أخي! انظر إلى مقلتي عبادة كيف شئت غير ممنوع ... ، ولا تتمن لي المرض.
وذكر أيضاً فيه برواية تتصل بعلي بن هشام
قال: قدمت على جدتي شاهك من خراسان، فقالت لي: اعرض على جواريك، فعرضتهن عليها، ثم جلسنا على الشراب، ومتيم تغني، فأطالت جدتي الجلوس عندنا، فلم أنبسط للجواري إجلالاً لها، فأخذت الدواة وصنعت في الحال، وكتبت به رقعة ورمت بها إلى متيم:
أنبقى على هذا وأنت قريبة ... وقد منع الزوار بعض التكلم!
سلام عليكم لا سلام مودعٍ ... ولكن سلام من محب متيم
فأخذته ثم نهضت إلى الصلاة، وعادت وقد صنعت لحناً فغنته، ففطنت جدتي، وقالت: أظن أننا ثقلنا عليكم، وأمرت الخدم فحملوا محفتها، وأمرت للجواري بصلاتٍ، وأمرت لمتيم بثلاثين ألف درهم.
[أنبأني الفقيه النبيه]
أبو الحسن المفضل علي بن الحسين المقدسي عن الفقيه أبي القاسم مخلوف بن علي