ومشعلين من الأضواء قد قرنا ... بالماء والماء بالدولاب منزوف
لاحا لعيني كالنجمين، بينهما ... خط المجرة ممدود ومعطوف
وقال أيضاً:
كأنما النار فوق الشمعتين سناً ... والماء من نافذ الأنبوب منسكب
غمامة تحت جنح الليل هامعة ... في جانبيها حفاف البرق يضطرب
وقال أيضاً:
وأنبوب ماءٍ بين نارين ضمنا ... هوى لكئوس الراح تحت الغياهب
كأن اندفاع الماء بالماء حية ... يحركها في الماء لمع الحباحب
وقال أيضاً:
كأن سراجي شربهم في التظائها ... وأنبوب ماء الفيل في سيلانه
كريم تولى كبره من كليهما ... لئيمان في إنفاقه يعذلانه
[قال علي بن ظافر]
خرج المعتصم بن صمادح صاحب المرية يوماً إلى بعض منزهاته فحل بروضة قد سفرت عن وجهها البهيج، وتنفست من مسكها الأريج، وماست معاطف أغصانها، وتكللت بلآلئ الطل أجياد قضبانها، فتشوق إلى الوزير أبي طالب بن غانم أحد وزراء دولته، وسيوف صولته، يكتب إليه بديهاً في وريقة كرنب بعود من شجرة:
أقبل أبا طالبٍ إلينا ... واسقط سقوط الندى علينا
فنحن عقد بغير وسطى ... ما لم تكن حاضراً لدينا
وجلس يوماً وبين يديه ساقية
قد أخمدت ببردها حر الأوار، والتوى ماؤها التواء السوار، فقال ارتجالا:
انظر إلى الماء كيف انحط في صببه ... كأنه أرقش قد جد في هربه
[وقال علي بن ظافر]
وذكر الفتح ما معناه، قال: خرج الوزراء بنو القبطرنة إلى المنية المسماة بالبديع، وهو روض قد اخضرت مسارح نباته، واخضلت مساري هباته، ودمعت بماء الطل عيون أزهاره، وذاب على زبرجده بلور أنهاره، وتجمعت فيه المحاسن المتفرقة، وأضحت مقل الحوادث عنه مطرقة، فخيول النسيم تركض في ميادينه فلا تكبو، ونصول السواقي تصول لحسم أدواء الشجر فلا تنبو، والزروع قد ثقبت وجه الثرى، وحجبت الأرض عن العيون