[فمما وقع من التمليط بين شاعرين بقسيم لقسيم وهذا النوع يسمى المماتنة]
ما أنبأني به الشيخان تاج الدين الكندي وجمال الدين الحرستاني إجازة عن الإمام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر الدمشقي، قال أخبرنا محمد بن طاووس، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا الحسن بن صفوان، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني أبو عدنان البصري، حدثني الصامت بن مخبل اليشكري سنة إحدى وتسعين ومائة؛ وأخبرني به أبو عبيدة، عن أبي عمرو بن العلاء، قال: أقبل امرؤ القيس حتى لقي التوءم اليشكري - وكان اسمه الحارث بن قتادة، ويكنى أبا شريح فقال امرؤ القيس: إن كنت شاعراً كما تقول فملط أنصاف ما أقول، فقال امرؤ القيس:
أحار ترى بريقاً هب وهناً
فقال التوءم:
كنار مجوس تستعر استعارا
فقال امرؤ القيس:
أرقت له ونام أبو شريح
فقال التوءم:
إذا ما قلت قد هدأ استطارا
فقال امرؤ القيس:
كأن حنينه والرعد فيه
فقال التوءم:
عشار وله لاقت عشارا
فقال امرؤ القيس:
فلم يترك ببطن الأرض ظبياً
فقال التوءم:
ولم يترك بجلهتها حمارا
فقال امرؤ القيس:
فلما أن دنا لقفاً أضاحٍ
فقال التوءم:
وهت أعجاز ريقه فحارا
فقال امرؤ القيس: لا أتعنت على أحد بعد ذلك بالشعر، فقيل إنه عز على ابن حجرٍ مماتنته ومساواته له، وآلى ألا ينازع شاعراً أبداً. وكان أبو عبيدة يقول: هي محمولة عليه.
[وروى ابن الكلبي عن أبيه]
قال: حدثني شيخ من بني زياد بن عبد المدان - وكان عالماً بقومه - قال: نشأ غلام من بني جنب يقال له رفاعة، ويقال له المحترش، فنبغ في الشعر وماتن شعراء قومه حتى أبر عليهم، فلما وثق من نفسه بذلك قال لأبيه: لأخرجن في قبائل اليمن، فإن وجدت أحداً يماتنني رجعت إلى بلادي، وإن لم أصادف من يماتنني تقريت قبائل العرب. فنزل بصرم من بني فهد والحي خلوف، فأتى حجرة عن جنب الحواء، فإذا عجوز حيزبون قد أقبلت معتمة تتوكأ على محجن فقالت: عم ظلاماً، فقال: نعم ظلامك، فقالت: ممن الرجل؟ قال: فقلت: من مذجج، قالت: من أيهم؟ قلت: من جنب. قالت: أضيف أنت؟ فقلت: نعم، قالت: فلا حملك الله، ما عدوت أن بخلتنا، وأسأت أحدوثتنا. ثم أثارت ناقتي وكنتها في خبائها،