للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم من شياطين العرب.

وذكر أبو الفرج محمد بن إسحاق المعروف بالوراق بن يعقوب النديم في كتاب الفهرست قال

صار جناد وإسحاق الجصاص إلى أبي عرار العجلي أحد رواة اللغة، فقال له جناد: اسمع شيئاً قلته، وأجزه، قال: قل، فقال جناد:

فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى دير هندٍ كيف خطت مقابره

فقال إسحاق:

تري عجباً مما قضى الله فيهم ... رهائن حتفٍ أوجبته مقادره

فقال أبو عرار:

بيوت ترى أثقالها فوق أهلها ... ومجمع زورٍ لا يكلم زائره

[وذكر محمد بن سنان]

مما رواه أبو الفرج، أن مطيع ابن إياس وحماد عجرد ويحيى بن زياد خرجوا في سفر، فلما نزلوا ببعض القرى عرفوا، فأنزلوا منزلاً، وأتوا بطعام وشراب، وبينما هم يشربون في صحن الدار، إذ أشرفت بنت دهقان من سطحٍ لها بوجهٍ مشرق رائق، فقال مطيع لحماد: ما عندك يا حماد؟، فقال حماد: خذ فيما شئت، فقال مطيع:

ألا يا بأبي النا ... ظر من بينهم نحوي

فقال حماد: ألا يا ليت فوق الحقو منها لاصقاً حقوي فقال مطيع:

وأن البضع يا حما ... د منها شوبك المروي

فقال يحيى بن زياد:

ويا سقياً لسطح أش ... رقت من بينهم حذوي

[وروى محمد بن خلف المرزباني]

عن بعض شعراء الكوفة، قال: قال لي محمد بن كناسة: قد اشتهت دنانير - يعني جاريته المشهورة جمالاً وأدباً - أن تنظر إلى الحيرة، فهل لك أن تساعدنا؟ - وكان الزمان ربيعاً - فقلت: نعم، فقال: تقدمنا لنلحق بك، فقصدت الخورنق وجلست في بعض المواضع المعشبة، وإذا به قد أقبل على بغلة ومعه دنانير على حمار فأخذ غلامه دابتيهما، فنزلا، وجلسنا وقد ستر بعض وجهها مني، فقلت أداعبها - وكان محمد يأنس بي، ويسكن إلي -: إنما تسترين وجهك عن شيخ، فقالت: طماح عين، قال: فضحكنا، ثم أخذنا ننظر إلى رياض الحيرة وبقاعها، ونتذكر ما مضى لها من الزمان، ونستحسن حمرة الشقائق على ائتلاف تلك الأنوار والألوان وطيب روائح النوار، فأخذ محمد عوداً وكتب على الأرض:

الآن حين تزين القطر ... أنجاده ووهاده العفر

ثم قال لدنانير: أجيزيه فقالت:

<<  <   >  >>