فقلت:
رأى ذاك الجمال فهابه ... فحط خضوعاً مثل ما خضع العبد
فقلت: أحسنت، ولكن اسمع، وأنشدت:
حبذا الخال كامناً منه بين الجيد والخد رقبةً وحذرا
رام تقبيله اختلاساً ولكن ... خاف من سيف لحظه فتوارى
فقال: فضحتني، قطع الله لسانك، واشتد ضجره.
[وذكر الباخرزي في كتاب الدمية]
أنه اجتمع هو وأبو عاصم الفضل بن محمد الفضيلي الهرري في مجلس الإمام عبد الله الأنصاري - قال: وكان غايةً في الكلام على المنبر، فتعاطينا القول، فقال الفضيلي:
عيون الناس لا تلقى ... من الناس كعبد الله
ولا ينكر هذا غير من مال عن المله
فقال الباخرزي:
مجلس الأستاذ عبد الله روض العارفينا
ألحق الفخر بنا بعد احتكام العارفينا!
قال علي بن ظافر
وذكر الفتح بن خاقان، قال: ركب عبد الجليل بن وهبون المرسي وأبو الحسن الحكم بن محمد المعروف بغلام البكري زورقاً بنهر إشبيلية في ليلة أظلم من قلب الكافر، وأشد سواداً من طرف الظافر، ومعهما غلام وضيء قد أطلع وجهه البدر ليلة تمامه، على غصن بانٍ من قوامه، وبين أيديهم شمعتان قد أزرتا بنجوم السماء، ومزقتا رداء الظلماء، وموهتا بذهب نورهما لجين الماء، فقال عبد الجليل ارتجالاً:
كأنما الشمعتان إذا سمتا ... خدا غلامٍ مجانس الغيد
وفي حشا النهر من شعاعهما ... طريق نار الهوى إلى كبدي
فقال غلام البكري:
أحبب بمنظر ليلةٍ ليلاء ... تجنى بها اللذات فوق الماء
في زورقٍ يزهى بغرة أغيدٍ ... يختال مثل البانة الغناء
قرنت يداه الشمعتين بوجهه ... كالبدر بين النسر والجوزاء
والتاج فوق الماء ضوء منهما ... كالبرق يخفق في أديم سماء
[وبالإسناد المتقدم ذكر ابن بسام]
قال: دخل الأديبان أبو جعفر ابن هريرة التطيلي المعروف بالأعيمي، وأبو بكر بن بقي الحمام، فتعاطيا العمل فيه،