فقال الكبير:
لحى الله من يلحى المحب على الهوى ... ومن يمنع النفس اللجوج هواها
ثم دعا الرجل فزوجه إياها.
[وحدث المدائني]
قال: كان بين يحيى بن زياد الحارثي وحماد الراوية ومعلى بن هبيرة، ما يكون مثله بين الشعراء والرواة من المنافسة، وكان معلى يحب أن يطرح حماداً في لسان بعض الشعراء، قال حماد: فقال لي يوماً يحضره يحيى بن زياد: أتقول لأبي عطاء السندي: قل: زج وجرادة ومسجد بني شيطان؟ قال علي بن ظافر: وكان أبو عطاء يرتضخ لكنةً سندية يجعل فيها الجحيم زاياً، والشين سيناً، والطاء والضاد ذالاً، والعين همزة، والحاء هاء - قال: قال حماد: فقلت: ما تجعل لي على ذلك؟ قال: بغلتي بسرجها ولجامها. قلت: وعدلها على يدي يحيى بن زياد. ففعل، وأخذت عليه بالوفاء موثقاً، وجاء أبو عطاء فجلس لينا وقال: مرهباً مرهباً؛ هياكم الله! فرحبنا به، وعرضنا عليه العشاء فأبى، وقال: هل من نبيذ؟ فأحضرناه، فشرب حتى احمرت عيناه، فقلت له: يا أبا عطاء، طرح علينا رجل أبياتاً فيها لغز، ولست أقدر على إجابته، ففرج عني، فقال: هات، فقلت:
أبن لي إن سئلت أبا عطاءٍ ... يقيناً كيف علمك بالمعاني
فقال مسرعاً:
خبير آلم فاسأل تزدني ... بها دبا وآيات المثاني
فقلت:
فما اسم حديدةٍ في رأس رمح ... دوين الكعب ليست بالسنان؟ ٍ
فقال:
هو الزز الذي إن بات ضيفاً ... لقلبك لم يزل لك أو لتان
فقلت: فرج الله عنك، تعني الزج
فما صفراء تدعى أم عوفٍ ... كأن رجيلتيها منجلان؟
فقال:
أردت زرادةً وأزن زناً ... بأنك ما قصدت سوى لساني
فقلت: فرج الله عنك، وأطال بقاءك؛ تريد جرادة وأظن ظناً ثم قلت:
أتعرف مسجداً لبني تميمٍ ... فويق الميل دون بني أبان؟
فقال:
بنو سيطان دون بني أبانٍ ... كقرب أبيك من أبد المدان
قال حماد: ورأيت عينيه قد احمرتا وعرفت الغضب في وجهه، فتخوفته فقلت: يا أبا عطاء، هذا مقام المستجير بك، ولك النصف مما أخذت، قال: فاصدقني، فأخبرته الخبر، فقال: أولى لك! قد سلمت وسلم لك جعلك، وانقلب يهجو معلى بن هبيرة، فأفحش.
وروى العسكري هذه الحكاية على غير هذا السياق، فذكر أن حماد الراوية وحماد عجرد وحماد بن الزبرقان وبكر بن مصعب الزهري اجتمعوا فقالوا: لو بعثنا