للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما الليل إلا قانص لغزالةٍ ... بفانوس نارٍ نحوها يتطلب

ولم أر صياداً على لبعد قبله ... إذا قربت منه الغزالة يهرب

وأنشدني الشريف أبو الفضل جعفر لنفسه:

كأنما الفانوس في ... صاريه لما اتقدا

لواء نصرٍ مذهب ... في رأس رمحٍ عقدا

[وكان الملك العزيز رحمه الله تعالى]

قد غني بين يديه دوبيت بالعجمية، معناه أنه جعل الليل برد داراً للحبيب ليحجب الشمس؛ فاستحسن المعنى وأرسل إلى وزيره الأجل نجم الدين أبي الفتح يوسف بن المجاور - رحمه الله تعالى - يأمره أن يصنع المعنى في شعر، وأن يأمر الشعراء بالعمل في ذلك، فصنع بديهاً وأرسله إليه:

قال له الليل انصرف راشداً ... فإنه استخدمني برددار

ثم صنعوا بعده، فمن مروٍ ومن باده.

[وأخبرني الأسعد أبو المكارم أسعد بن الخطير]

قال: كنت عند الفاضل - رحمه الله تعالى - إذ دخل الوزير نجم الدين، فأخبره بما طلب السلطان وأنشده ما صنع، فقال الفاضل: هذا معنى كنت نظمته قديماً إلا أني استخدمت الليل بواباً، فقلت:

بتنا على حالٍ تسوء العدا ... وربما لا يمكن الشرح

بوابنا الليل وقلنا له ... إن غبت عنا هجم الصبح

قال الأسعد: ولم أكن صنعت شيئاً، فصنعت بديهاً:

قلت لليل عندما زارني البد ... ر وأوجست خيفةً للرواح

أنت يا ليل برددار حبيبي ... فتأهب لدفع صدر الصباح

قال: فاستحسن الوزير القسيم الثاني، فقلت: برددار المولى نعلم منه حسن الخلق، يقول: انصرف راشداً، وهذا البرددار فظ غليظ يدفع في الصدر.

[وأخبرني أبو الحسن بن النبيه]

قال: دخلت على الأجل نجم الدين الوزير - رحمه الله تعالى - فأمرني بالعمل فيما رسمه السلطان فاستمهلته، فأبى فصنعت وأنشدت:

قلت لليل إذ حباني حبيباً ... وغناء يسبي النهى وعقارا

أنا سلطان مجلس فاحجبوا الصب ... ح وكن أنت يا دجى برددارا

وأنشدني القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن سناء الملك لنفسه:

أباحني الليل وصف طيفٍ ... عهدته منه لا يباح

<<  <   >  >>