ما القاطعات لأرضٍ لا أنيس بها ... تأتي سراعاً وما ترجعن أنكاساً
فقال امرؤ القيس:
تلك الرياح إذا هبت عواصفها ... كفى بأذيالها للترب كناساً
فقال عبيد:
ما الفاجعات جهاراً في علانيةٍ ... أشد من فيلقٍ مملوءة باساً
فقال امرؤ القيس:
تلك المنايا فما يبقين من أحدٍ ... يكفتن حمقى وما يبقين أكياساً
فقال عبيد:
ما السابقات سراع الطير في مهلٍ ... لا تستكين ولو ألجمتها فاساً
فقال امرؤ القيس:
تلك الجياد عليها القوم قد سبحوا ... كانوا لهن غداة الروع أحلاساً
فقال عبيد:
ما القاطعات لأرض الجو في طلقٍ ... قبل الصباح وما يسرين قرطاساً
فقال امرؤ القيس:
تلك الأماني تتركن الفتى ملكاً ... دون السماء ولم ترفع به راساً
فقال عبيد:
ما الحاكمون بلا سمعٍ ولا بصرٍ ... ولا لسانٍ فصيح يعجب الناسا
فقال امرؤ القيس:
تلك الموازين والرحمن أنزلها ... رب البرية بين الناس مقياساً
[ومثل هذا وإن تفاوت ما بين الأعصار ولم يكن من باب الألغاز]
ما ذكر أن الشريف أبا جعفر مسعود بن الحسن العباسي - وهو من ولد العباس - بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ويعرف بالبياضى - كان يتعشق قينةً ببغداد اسمها بدور، وتعرف بجارية بنت الملك، وفيها يقول:
شكا القلب ظلمته في الحشى ... إلي فأسكنت فيه بدورا
وكانت تنزل ببغداد في القطيعة، فاجتمع يوماً هو وأبو تراب هبة الله بن السريجي - وكان شاعراً - فقال بديهاً يخاطب الشريف:
أسلوت حب بدور أم تتجلد ... وسهرت ليلك أم جفونك ترقد؟