وليس لها إلا سيدي - يعني ابن عمه أبا فراس بن أبي العلاء بن حمدان - فارتجل أبو فراس:
لك من قلبي المكا ... ن فلم لاتحله
ولئن كنت مالكاً ... فلك الأمر كله
فاستحسنهما ووهب له ضيعة منبج، تغل ألفي دينار في كل سنة.
١٤١ - وذكر القاضي أبو علي التنوخي في كتاب النشوار قال: أنشدني أبو القاسم عبد الله بن محمد الضروي لنفسه بالأهواز يقول:
إذا حمد الناس الزمان ذممنه ... ومن كان فوق الدهر لايحمد الدهرا
وزعم أنه حاول أن يضيف إليه شيئاً فتعذر عليه مدة طويلة، وضجر منه وتركه مفرداً، وكان عنده أبو القاسم المصيصي المؤدب، فسمع القول، فعمل في الحال إجازة له، وأنشدها لنفسه:
وإن أوسعتني النائبات مكارهاً ... ثبت ولم أجزع وأوسعتها صبرا
إذا ليل خطبٍ سد طرق مذاهبي ... لجأت إلى عزمي فأطلع لي فجرا
[وبالإسناد المتقدم ذكر ابن بسام في كتاب الذخيرة]
أن المعتمد بن عباد جلس يوماً في بعض دور الحرم، فمر عليه بعض حظاياه في غلالة لايكاد يفرق بينها وبين جسمها، وذوائب تبدي إياة الشمس في مدلهما، فسكب عليها إناء ماء ورد كان بين يديه، فامتزج الكل ليناً واسترسالاً، وطيباً وجمالاً، وأدركت المعتمد أريحية الطرب، ومادت بعطفيه راح الأدب، فقال:
وهويت سالبة النفوس عزيزةً ... تختال بيت أسنةٍ وبواتر
وتعذر عليه المقال، فال لبعض الخدم القائمين على رأسه: سر أبي الوليد النحلي، وخذه بإجازة هذا البيت ولا تفارقه حتى يفرغ، فأضاف إليه لأول وقوع الرقعة بين يديه:
راقت محاسنها ورق أديمها ... فتكاد تبصر باطناً من ظاهر
وتمايلت كالغصن بلله الندى ... يختال في ورق الشباب الناضر
تبدى بماء الورد مسبل شعرها ... كالطل يسقط من جناح الطائر
تزهى برونقها وحسن جمالها ... زهو المؤيد بالثناء العاطر
ملك تضاءلت الملوك لقدره ... وعنا له صرف الزمان الجائر
وإذا لمحت جبينه ويمينه ... أبصرت بدراً فوق بحرٍ زاخرٍ