جمال الدين بن رواحة فاضلاً لطيفاً، فقال لي: بالله عليك إلا أنشدت قبلي، فقد رأيتك عملت أكثر مني، وكنت إلى جانبه فأنشدت ما قلت، وهو:
ختام عذلك قد اسرفت في عذلي ... قلبي من الوجد ملآن وأنت خلي
أعاذك الله من وجدي ومن كلفي ... ومن غرامي ومن خوفي ومن وجلي
لو كان يا سعد لطوفان ما ذرفت ... عيناي ما استعصم المغرور بالجبل
بمهجتي راشق لي قوس حاجبه ... كأنما الطرف رامٍ من بني ثعل
يميل عطفاه من سكر الصبا مرحاً ... كما تمايل عطف الشارب الثمل
ما لاحت الشمس في رأد الضحى وبدا ... للشمس إلا رماها الطفل بالطفل
يا حامل الصارم الهندي منتصراً ... ضع السلاح قد استغنيت بالكحل
ما يفعل الظبي بالسيف الصقيل وما ... ضرب الصوارم مع ضربٍ من المقل!
قد كنت في الناس سنياً فما برحت ... بي شيعة الحسن حتى صرت عبد علي
[وأخبرني الأديب راجح بن إسماعيل الحلي]
قال: خرجنا مع مهذب الدين أبي الحسن علي بن نظيف أيام كتابته للملك المعز إسحاق بن عبد الملك الناصر - رحمه الله تعالى - إلى الأهرام للتنزه، ومعه الأديب بهاء الدين ابن الساعاتي، والجمال؟ ابن تاج البغدادي والمهذب ابن الخيمي والأوحد المعروف بالواسطي، فاتفق أن كبت به بغلته، ثم وثبت ورفعت يديها، فتعاطينا القول في ذلك، فبدر بهاء الدين ابن الساعاتي، فقال:
قيل مادت من تحت ذا السيد الأر ... ض ولم تأتنا بمثال
هو طود النهى ومن أعجب الأشياء أرض تميد تحت الجبال
وقال ابن التاج:
جلست بغلة الأمين ترينا ... صدق حس كأنه إلهام
أظهرت ميزة على النوع إذ أصبح في الحسن ذا علا لا يرام
نحن في خدمة قيام لديه ... ثم بغلاتنا لديه قيام
وقال الواسطي:
لم تكب بغلتك الخضراء من خورٍ ... يا من هو اليوم للإسلام مسعده