حيتان حبك في طنجير بلوائي
فقال أبو لقمان:
وفحم وجهك في كانون أحشائي
فقال له أحمد بن إبراهيم الكموني: أحسنت يا أبا لقمان، قسيمك خير من قسيمه؛ فزهي أبو لقمان وقال: أدافع في بديع الشعر، وهذا شعري في الهتف.
وإنما لم أورد هذه الحكاية مرتبة في نظام الحكايات المتقدمة على ترتيب الأعصار والأزمنة، إذ كان حقها أن تكون بين الحكايات المنسوبة إلى أبي الفرج والمهلبي والمنسوبة إلى ابن حمديس؛ لأنها ليست من بدائع البدائه، ولم أر إخلاء الكتاب منها لما فيها من الحلاوة.
[ومن الإجازة إجازة قسيم بقسيم وبيت]
كما يروى لنا أن الرشيد هارون - رحمه الله تعالى - صنع قسيما وهو:
الملك لله وحده
ثم أرتج عليه، فقال: استدعوا من بالباب من الشعراء، فدخل عليه جماعة منهم الجماز، فقال أجيزوا - وأنشدهم القسيم - فبدر الجماز فقال:
وللخليفة بعده
فقال له الرشيد: زد، فقال:
وللمحب إذا ما ... حبيبه بات عنده
فقال له الرشيد: أحسنت ولم تعد ما في نفسي؛ وأجازه بعشرة آلاف درهم.
[وذكرعبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر في تاريخ بغداد]
قال: حدثني أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى المنجم، قال: استزارني أحمد بن سعيد الدمشقي وأنا صغير، وسأل أبي أبا الحسن الإذن لي في المسير إليه، وأخبره أن أحمد بن أبي طاهر وأبا طالب بن مسلمة وعلي بن مهدي وجماعة من أهل العلم والأدب عنده؛ فأذن له فصرت إليه، فصادفت عنده أبا الحسن جحظة فلما أردنا القيام إلى صفة في داره للأكل لبس الجماعة نعالهم، وبقي جحظة بغير نعلٍ، فسمعته يقول:
يا قوم من لي بنعل
فقلت:
في بيت تصحيف نعل
فضحكت الجماعة وغضب الدمشقي؛ فقلت:
وليس ذا قول جد ... لكنه قول هزل
فضحك، وتعجب القوم من بديهتي.
[قال علي بن ظافر]
صنع المتوكل علي بن الأفطس صاحب بطليوس من بلاد الأندلس قسيما، وهو:
الشعر خطة خسف
وأرتج عليه، فاستدعى أبا محمد عبد المجيد بن عبدون، أحد وزراء دولته وخواص حضرته، فاستجازه إياه، فقال:
لكل طالب عرف
للشيخ عيبة عيبٍ ... وللفتى ظرف ظرف
وقد أنبأني الشيخ الأجل الحافظ العلامة ذو النسبتين أبو الخطاب عمر بن الحسن بن دحية الكلبي إجازة عن الأستاذ المفيد أبي بكر محمد بن خير بقراءته عليه، عن الحافظ أبي القاسم خلف بن يوسف