مستحسن، وضيء الوجه، اسمه أسد، قد شغف به رجل اسمه الفأر، ووقع بينهما ما أدى الرجل إلى أن قتل الصبي وهرب، وخاض الناس في أمره، وأكثروا الحديث فيه، فجلست يوماً بسوق الكتب، إذا بابن المنجم قد مر راكباً، فحين رآني ثنى رجله على معرفة فرسه، ووقف للحديث، فمر علينا في أثناء ذلك شاب مشهور بجمال وانتماء أهل الأدب، فأنشدنا مرثية زعم أنه رثى بها الصبي القتيل، فصنع ابن المنجم في الوقت:
ولم أر قبله أسداً قتيلاً ... لفأر ظل يرثيه غزال
[وأخبرني بعض أصحابنا]
قال: قال لي نشو الملك بن النجم: ما رأيت أوقح ولا أصغر جواباً من أبي الحسن الذروي - يعني المقدم ذكره رحمه الله - مر يوماً وهو راكب بغلة، وبين يديه عبد له، فصنعت في الحال:
قل لمن تاه حين مر علينا ببغله
بعد أن كان ليس يملك شعاً لنعله
سقت قدامك الغلا ... م جزاءً بفعله
هكذا كل شاعرٍ ... بغله خلف بعله
ثم كررت مسرعاً لألحقه، فتأخر غلامي عني لأجل إسراعي، واستوقفته وجعلت أنشده وهو يحسن الاستماع حتى انتهيت، فقال: ليس كل شاعرٍ كذلك، ها أنت شاعر، وبعلك خلف بغلك، فكلحت والله وانصرفت.
[وأخبرني الفقيه القاضي أبو موسى عمران الخندقي رحمه الله]
قال: دخلت أنا وجماعة من أصحابنا على الوجيه الذروي المذكور، وهو وجماعة من أصحابنا يشربون، فمزحنا وداعبناهم، فصنع بديهاً:
ويومٍ قاسمتنا اللهو فيه ... أناس ليس يدرون الوقارا
أدرنا الصفع والكاسات فيه ... فعربدت الصحاة على السكارى
[وأخبرني الفقيه العفيف شجاع العربي المقدم ذكره]
قال: اجتمعت مع الوجيه أبي الحسن بن الذروي، والأديب نشو الملك بن المنجم، وجعفر القرشي المنبوز بشلعلع - المقدم ذكر الجميع - عند القاضي الأسعد بن الخطير بن مماتي في بستانه، فمدحته بقطعة لإحسان كان منه إلي، وكتبتها في ورقة كرم، فحين وقف عليها صنع بديهاً: