للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غنى لنا يوماً بعض القوالين هذين البيتين، وهما لأبي العلاء الأسدي من شعراء اليتيمة:

لا لعمري ما أنصفوا حين بانوا ... حلفوا لي ألا يخونوا فخانوا

شتتوا بالفراق شمل اتصالي ... جمع الله شملهم أين كانوا

قال: فأجزتهما بقولي بديهاً:

أنا ممن يدبن في الرجعة الآ ... ن تراهم بمذهب الصب دانوا

[قال علي بن ظافر]

ومما هو من هذا الباب إلا أن الإجازة فيه لسد فرجة بين البيتين ما ذكره صاحب المقتبس من أن أبا الحسن زرياباً المغني مولى المهدي المرواني غنى يوماً بين يدي الأمير عبد الرحمن الداخل ملك الأندلس بهذين البيتين:

قالت ظلوم سمية الظلم: ... مالي رأيتك ناحل الجسم!

يا من رمى قلبي فأقصده ... أنت الخبير بموقع السهم

فقال عبد الرحمن: هذان البيتان منقطعان، فلو كان بينهما ما يوصلهما لكان أبدع، فقال عبد الحمن بن قزمان بديها:

فأجبتها والدمع منحدر ... مثل الجمان هوى من النظم

فاستحسنه وأمر له بجائزة.

[ومما يجري مجرى الطرف]

ما أخبرني به الأديب أبو القاسم ابن نفطويه، أنه جلس أيام اشتغاله على الشيخ الأستاذ العلامة أبي محمد بن بري مع جماعة من تلامذته، فتذاكروا ما يعانيه الشيخ من بلادة بعض طلبته - وهو رجل كرهت ذكره مع فرط اعتنائه بتعليمه وشدة عنائه في تفهيمه - فأنشد أحدهم قول أبي العباس المبرد:

أقسم بالمبتسم العذب ... ومشتكى الصب إلى الصب

لو قرأ النحو على الرب ... ما زاده إلا عمى القلب

قال: فقلت ارتجالا:

قد عذب الله به شيخنا ... في هذه الدنيا بلا ذنب

فضحك الجماعة واستطرفوا البيت.

[ومنه ما تكون الإجازة فيه بأكثر من بيت لأكثر من بيت]

فمن ذلك ما ذكره إسحاق الموصلي قال: أنشدني شداد بن عقبة لجميل:

بثين سليني بعض مالي فإنه ... يبين عند المال كل بخيل

<<  <   >  >>