للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذروي

فقال: يتولد من هذا معنى في صدر فيه نارنجتان وطلع مفروط، ويشبه ذلك بنهدين في صدر عليهما أسماط در. فاستحسنت المعنى وأطرق كل منا لنظمه، ثم أنشدت:

وصدر به نارنجتان تبدتا ... ومفروط طلع بالملاحة حالي

فخلت بذاك الصدر نهدى خريدةٍ ... وقد وشحت زهواً سموط لآلي

ثم أنشد هو:

أرسلت لي نارنجتين على صد ... رٍ وحفتهما بطلعٍ نضيد

ثم قالت تسل عني فهذا ... مثل صدري والدر فوق نهودي

ثم ذكر معنى آخر فأطرقنا لنظمه، فقلت كالمرتجل:

ألست ترى النارنجتين وقد بدا ... يحفهما طلع نضيد منظم

كخدي غلامٍ قد تأمل حسنه ... جماعة عشاقٍ له فتبسموا

فلم يصنع فيه شيئاً، ثم اقترح معنى غيره، فنظمت فيه:

وطلعٍ بدا المفروط فيه مقارناً ... لنارنجتين يجتلى الحسن منهما

كدمع جرى من جفن ظبيٍ منعم ... فأضحى على الخدين منه منظما

وصنع هو هذا البيت:

وطلعٍ على نارنجتين كأنه ... دموع محب فوق خدي حبيبه

وفي هذه الليلة أمطرت السماء مطراً خفيفاً صقل رخام الصحن حتى لمع وجهه وتعارضت أشعة القناديل عليه فتعاطينا وصفه

فصنعت:

انظر إلى حسن القناديل التي ... لاحت كشهب في متون سماء

والصحن قد أبدى شهاب شعاعه ... إذ صار مصقولا بمر الماء

فكأنما هي أسطر من عسجدٍ ... كتبت بظهر صحيفةٍ بيضاء

ثم صنع ابن الذروي:

أيا حسن جامع مصرٍ وقد ... تروى من الوابل المغدق

وضوء القناديل من فوقه ... كأسطر تبرٍ على مهرق

[قال علي بن ظافر]

حضرنا يوماً عند الصاحب صفي الدين بمعسكر المنصور على بلبيس عند بروز السلطان لسفرته الثانية حين حوصرت دمشق الحصار الثاني في خيمته بمجلس حفل، لم يعدم فيه أحد من مشايخ الدولة ووجوهها وهم

<<  <   >  >>