للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنصور، وأمر لابن شهيد بما جزيل ولسائر الجماعة وللكك.

وبالإسناد أيضاً قال ابن بسام

ودخل صاعد اللغوي يوماً على المنصور وعليه ثياب جدد وخف جديد، فمشى على جانب البركة لازدحام الحاضرين في الصحن، فزلقت رجله فسقط في الماء، فضحك المنصور وأخرج، وقد كان البرد يقضى عليه، فلما نظر إليه أمر له بثياب وأدنى مجلسه، وقال يا أبا العلاء قل في سقطتك، فأطرق ثم قال:

شيئان كانا في الزمان عجيبةً ... ضرط ابن وهبٍ ثم سقطة صاعد

فاستبرد ما أتى به، وكان أبو مروان الجزيري الكاتب حاضراً فقال:

سروري بغرتك المشرقة ... وديمة راحتك المغدقه

ثناني نشوان حتى سقطت ... في لجة البركة المغرقه

لئن ظل عبدك فيها الغريق ... فجودك من قبلها أغرقه

فقال: لله درك! قسناك بأهل العراق ففضلتهم، فبمن نقيسك بعد؟

[وبالإسناد قال ابن بسام]

وحدث أبو بكر محمد بن أحمد ابن حعفر بن عثمان، قال: دخلت يوماً على أبي عامر - قال علي بن ظافر: يعني ابن شهيد - وقد ابتدأت به علته التي مات بها، فأنس بي، وجرى الحديث إلى أن شكوت إليه تجني بعض أصحابي علي ونفاره مني، فقال لي: سأسعى في إصلاح ذات البين. فخرجت عنه، فلقيت ذلك المتجني علي مع بعض إخواني وأعزهم علي، فتجنبتهما فسأله عن السبب الموجب فأخبره، فمشى حتى أدركني وعزم علي في مكالمته، وتعاتبنا عتاباً أرق من الهوى، وأشهى من الماء على الظما، حتى جئنا دار أبي عامر، فلما رآنا جميعاً ضحك وقال: من كان هذا الذي تولى إصلاح ماكنا سررنا بفساده؟ قلنا: قد كان ما كان. ثم أطرق قليلا وأنشد:

من لا أسمى ولا أبوح به ... أصلح بيني وبين من أهوى

أرسلت من كان الهوى فدرى ... كيف يداوي مواقع البلوى

ولي حقوق في الحب ثابتة ... لكن إلفي يعدها دعوى

[قال علي بن ظافر]

وذكر ابن خاقان في كتاب مطمح الأنفس ما معناه: إن أبا عامر كان مع جماعة من أصحابه بجامع قرطبة في ليلة السابع والعشرين، فمرت بهم امرأة من بنات أجلاء قرطبة، قد كملت حسناً وظرفاً، ومعها طفل يتبعها كالظبية تستتبع خشفاً، وقد حفت بها الجواري كالبدر حف بالدراري.

<<  <   >  >>