اطمأننت قال: ما رمى بك إلى هذا القطر؟ فأخبرته، وكتمت ما لاقيت. فكشر وصاح بغلمةٍ يرعون قريباً منه، فأقبل غلام منهم، فقال: ادع عشرقة. فما لبث أن أقبلت جويرية عجفاء كأنها وبيلة خيسفوج، حتى وقفت بين يديه. فقال: إن ابن عمك هذا خرج من بلاده يتحدى بالمماتنة، فهل عندك شيء؟ فقالت: قل أيها المتحدي - وإنها لتقلب عينيها كعيني الأرقم - فقلت:
فما بسرة زرقاء في ظل صخرةٍ
فقالت:
ذخيرة غراء الذرى جونة النضد
فقلت:
نفى سيلان الريح عن متنها القذى
فقالت:
وذادت غصون الأيك عن متنها الوقد
فقلت:
سياب مجاج أخلص الدبر أريه
فقالت:
بصهباء صرفٍ جيب عن صفوها الزبد
فتركت ما قصدت له، وملت إلى وجهة أخرى ووصفت ناقة، فضحكت وقالت: أغوصت، فقلت:
إذا انشنج الحرباء في رأس عوده
فقالت:
وألجأ أم الحسل في مائها الصخد
فقلت:
أثارت بموماتين تحت حجاجها
فقالت:
حوانك أشباهٍ كرانية الجلد
قال: فرحت وآليت ألا أماتن أحداً ما عشت.
تفسير ما في الكلام والشعر العتود: الجذع من الغنم أو فوق ذلك.
والعيدانة: النخلة الطويلة، قال الشاعر:
وإذا مشين مشين غير جوارب ... هز الجنوب نواعم العيدان
والشوامر: التي قد شالت بأذيالها، أي رفعها.
والنواء: السمان، الواحدة ناوية، قال الشاعر:
ألا يا حمز للشرف النواء ... وهن معقلات بالفناء
والبارح: الذي يمر ومياسره عن مياسرك، والسامح: الذي يمر وميامنه عن ميامنك، وأهل نجد يتيامنون بالسامح، ويتشاءمون بالبارح، وأهل الحجاز يخالفونهم في ذلك.
وأفاويق: جمع فواق، ويمكن أن يكون جمع فيقة، وهي السكتة بين المطرتين، والسكتة بين الحلبتين، قال:
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت ... جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
والضيح: اللبن الذي صب فيه ماء، وكذلك المذق، قال الراجز:
فامتضحا وسقياني ضيحاً ... فقد كفيت صاحبي الميحا
وانسفحت: انصبت، وبه سمي السفاح التغلبي؛ لأنه سفح ماء أصحابه وقال: لا ماء