فإنَّ الذي يقول بعدم وجوب النية فيه يقيسه على وصفٍ منتزع من أصل واحد، وهو أنَّه تنظيفٌ لا تلزم فيه النيةُ كطهارة الخبث. وطهارةُ الخبث التي قاس علمها الوضوء أصلٌ واحدٌ.
أمَّا القائل بوجوب النية فيه، فيقول: هو قربةٌ، فتجب فيه النية، كالصلاة والصوم والحج ونحو ذلك من القرب، فهذه أصولٌ كثيرة، وذلك أصلٌ واحد.
ومثَّل له بعضهم بما ورد من تضمين الغاصب، وتضمين المستعير من الغاصب.
ويستنبط من كلٍّ منهما أنَّ علة الضمان وضع اليد على مال الغير، وظاهره: ولو لغير تملكٍ.
فهما أصلان يشهدان بأن علة ضمان مال الغير وضع اليد عليه، ولو بغير تملكٍ.
قالوا: فيرجح ذلك على ما قاله أبو حنيفة من كون العلة وضع اليد بقصد التملك، وإن صحَّ استنباط ذلك من تضمينِ مُسْتَامِ السلعة.
ثم ذكر عن أبي الخطاب أنَّه رجَّح العلة المطردة المنعكسة على ما لا تنعكس، قال (١): (لأنَّ الطرد والعكس دليلٌ على الصحة ابتداءً؛ لما فيه من غلبة الظنِّ، فلا أقلَّ من أنْ يصلح للترجيح).