للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قالوا: لو جاز نسخ شريعة موسى بطل قول موسى, منعنا الملازمة.

وإن قالوا: لو وقع لبطل قول موسى, لم يلزم نفي الجواز, على أن التأبيد في الشريعة قد يريد به التوحيد, أو المراد بالتأبيد المبالغة, أو ما لم تظهر شريعة, مع أنهم في بعض الأزمنة أقل من عدد التواتر.

قالوا ثنايًا: لو جاز / النسخ لجاز على الله تعالى البداء أو العبث, والتالي باطل, بيان اللزوم, أن النسخ إن كان لحكمة ظهرت لله لم تكن ظاهرة له قبل النسخ, يلزم البداء, وهو ظهور ما لم يكن ظاهرًا, وإن لم يكن لحكمة فهو العبث, وكلاهما محال, لاستحالة البداء - الذي هو الظهور بعد الخفاء - عمن لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء, واستحالة العبث على الحكيم.

الجواب أولًا: إنما يرد ذلك لو وجب اعتبار المصالح في أفعاله تعالى, وهو غير لازم, لابتنائه على التحسين والتقبيح العقليين, وقد مرّ بطلانه.

سلمنا أن أفعاله تتبع المصالح, لكن المصلحة تختلف باختلاف الأزمان والأحوال, كمنفعة شرب الدواء في زمان أو حال, ومضرته في زمان أو حال, فقد تتجدد مصلحة لم تكن موجودة؛ لا أنه تجدد ظهور حكمة لم تكن ظاهرة, فلم يلزم بداء.

والحاصل: أنهم إن عنوا بظهور الحكمة تجددها, اخترنا الإثبات ولا بداء, وإن عنوا تجدد العلم بها, اخترنا النفي ولا عبث.

قالوا ثالثًا: الحكم الأول الذي ادعيتم نسخه, إما أن يكون مقيدًا بغاية أو مؤدبًا, وأيًّا ما كان لا نسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>