للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: لو كان كل مجتهد مصيبا لزم اجتماع النقيضين، أما الملازمة؛ فلأنه إذا ظن حكما قطع بأنه حكم الله في حقه، بناء على أن كل مجتهد مصيب، ولا شك أن استمرار قطعه بأن حكم الله في حقه مشروط ببقاء ظنه ذلك الحكم، للإجماع على أنه لو ظن غيره وجب عليه الرجوع عنه إلى ذلك الغير، فيكون عالما به ظانا له، فيكون ظانا عالما بشيء واحد في زمان واحد فيلزم القطع به وعدم القطع به، وهما نقيضان.

لا يقال: لا نسلم أن شرط القطع بقاء الظن، قوله: (للإجماع على أنه لو ظن غيره وجب الرجوع).

قلنا: الإجماع إنما دل على أن استمرار قطعه بما أداه إليه اجتهاده مشروط بعدم ظن غير ما أداه إليه اجتهاده، ولا يلزم منه أن يكون استمرار قطعه بما أداه إليه/ اجتهاده مشروطا ببقاء ظنه به، وعدم ظن غيره لا يستلزم ظن هذا إذ قد يكون هذا معلوما ولا يظن شيئا، ومن أين يلزم من زوال حكم الظن عند زوال الظن بالشيء إلى الظن بخلاف متعلقه زوال حكمه عند زواله إلى العلم بمتعلقه، فإن القطع أولى بذلك الحكم من ظنه، فإذا حصل القطع زال الظن، وإليه أشار بقوله: "لا يقال).

ثم أجاب فقال: لأنا نقول: إنا نقطع ببقاء الظن حال بقاء الإصابة الموجبة لاستمرار القطع؛ لأن الإصابة إنما حصلت من الظن فيكون الظن موجبا للإصابة، ويلزم من بقاء المعلول بقاء علته.

وأيضا: لو انتفى ظن الحكم مع العلم به لاستحالته ظن نقيض ذلك الحكم مع ذكره للعلم، أي مع العلم بذلك الحكم، أو أنه يستحيل ظن

<<  <  ج: ص:  >  >>