للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بثبوت مدلوله، فإذا تبدل الظن زال شرط ثبوت الحكم الذي هو ظن الدلالة.

قلنا: هذا لا يدفع اجتماع النقيضين، فإن كونه دليلا أيضا حكما، فإذا ظنه فقد علمه، إذ لو لم يعلمه لجاز أن يكون المتعبد به غيره –أي الدليل الذي يجب العمل به غير ذلك الدليل- وإذا كان غيره فقد أخطأ في اعتقاد أن هذا دليل، فهذا حكم أخطأ فيه المجتهد، فلا يكون كل مجتهد مصيبا.

/ولنا أيضا: أن الصحابة أطلقوا الخطأ في الاجتهاد وشاع وتكرر من غير نكير، فكان إجماعا.

فمن ذلك ما روي عن علي وزيد وغيرهما: أنهم خطئوا ابن عباس حيث لم يقل بالعول في الفرائض، وخطأهم هو أيضا، حتى قال: "من باهلني باهلته، إن الله لم يجعل في مال واحد نصفا ونصفا وثلثا"، وإلى غير ذلك.

واعترض: بأن التخطئة إنما كانت فيما خالفوا فيه نصا، أو فيما قصر فيه المجتهد، إذ لو كان كذلك لأثموا المخالف.

واستدل: بأن المجتهدين إذا اختلفا في حكم واقعة بالنفي والإثبات، وصار كل منهما إلى مناقضة الآخر، فإما أن يكون الحكمان بدليلين أو لا؟ .

الأول: إما أن يكون أحدهما أرجح أو لا، فإن كانا أو أحدهما لا بدليل فواضح أنه لا يكون صوابا، وإن كانا بدليلين وترجح أحدهما تعين للصحة وتعين الآخر للخطأ، إذ لا يجوز العمل بالمرجوح، وإن تساويا تساقطا وكان الحكم الوقف أو التخيير، فيكونان في التعيين مخطئين، فلا يكون كل مجتهد مصيبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>