للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشرع, لكن منها ما يدرك حسنه وقبحه بضرورة العقل, كحسن الإيمان وقبح الكفر, ومنها ما يدرك حسنه بنظر العقل, كحسن الصدق المضر, وقبح الكذب النافع, ومنها ما يدرك حسنه وقبحه بالسمع, كحسن صوم آخر / يوم من رمضان, وقبح صوم أول يوم من شوال, فالشارع كاشف الحسن والقبح لا موجب لهما عندهم.

ثم القائلون بالحسن والقبح الذاتيين اختلفوا, فذهب قدماء المعتزلة إلى أن الأفعال حسنة وقبيحة لذاتها, بمعنى أنه ليس في العقل صفة توجب الحسن أو القبح, بل ذات الفعل موجبة لأحدهما.

وقال قوم منهم: الفعلُ يقتضي لذاته صفة, وتلك الصفة تُوجب حسن الفعل وقبحه, كالصوم المشتمل على كسر الشهوة المقتضي عدم المفسدة, وكالزنا المشتمل على اختلاط الأنساب المقتضي ترك تعهد الأولاد.

وقال قوم: إن القبح لصفة تقتضيه, والحسن لذات الفعل, ووجه هذا التخصيص أن المعتزلة يرون أن الذوات متساوية والتمييز إنما هو بالصفات, فلو كانت الأفعال قبيحة لذاتها لزم قبح أفعال الله تعالى, لتساوي الأفعال عندهم في الذوات.

<<  <  ج: ص:  >  >>