للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضية ضرورية فلابد من حل الشبهة, وكذا الثاني والثالث لأنهما إلزاميان. فأجاب بالنقض الذي هو الحق, وذلك أن فعل العبد جائز صدوره ولا صدوره, ويفتقر في صدوره إلى مرجح وهو مجرد الاختيار عندنا, أو مع القدرة عند المعتزلة, سواء قلنا: يجب به الفعل أو لا, فإن الفعل يكون اختياريًا إذ لا معنى للاختياري إلا ما يترجح بالاختيار, وإن وجب فوجوب الشيء شرط إرادته لا ينافي القدرة, والمصحح للمقدورية نسبة الإمكان الذاتي إليه, وإلا لزم نفي قدرة الله تعالى, لوجوب صدور معلوماته عنه بشرط إرادته الجازمة.

قيل عليه: إذا كان ما يجب الفعل عنده من الله تعالى, بطل استقلال العبد به, فلا اختيار.

قلنا: بطلان الاستقلال لا ينافي الاختيار؛ لأن فعل الواقع منه إن كان تابعًا لإرادته فهو معنى الاختيار, وما تعلقت به إرادته وقوي عليه عزمه ولم يقع, فهو لعدم إرادة الله تعالى, لا يؤاخذ بتركه.

قيل على الوجه الأول: الضروري وجود القدرة لا أثرها, وعلى الثاني: إن تعلق إرادته قديم فلا يحتاج إلى مرجح مجرد فلا تسلسل, وعلى الثالث: إن الأفعال عندنا توصف بهما شرعًا وإن لم يكن العبد مختارًا, وعندهم لولا الاستقلال بالفعل لقبح التكليف عقلًا, فإذا استقل فهو مختار

<<  <  ج: ص:  >  >>