بيان اللزوم؛ أن الأفعال حينئذ غير متساوية بالنسبة إلى الأحكام؛ لأن الفعل الحسن يكون راجحًا على القبيح في كونه متعلق الوجوب, والقبيح راجح على الحسن في كون متعلق التحريم والحكم بالراجح متعين لأن الحكم بالمرجوح خلاف صريح العقل, فلا يتمكن من تحريم الحسن ولا من إيجاب القبيح فلا يكون مختارًا لوجوب حكمه بالبعض وامتناع حكمه بالبعض.
قيل: إنما يتم لو كان ترك الراجح مطلقًا قبيحًا, أما لو لم يكن كذلك بل كان تركه مع الإتيان بالمرجوح قبيحًا فلا.
وهو فاسد؛ لأنه قبيح مطلقًا عندهم, ثم قد لا يكون بينهما واسطة.
قيل: الوجوب بالغير الذي هو الحسن لا ينافي الاختيار.
قلنا: إن كان الحكم فيه لكونه على وفق الحكمة, لزم تعليل أحكامه تعالى بالحكم والأغراض وهو باطل, وإن لم يكن لذلك كان منافيًا للاختيار وهو الجواب على قول من قال: امتناع الفعل لقيام صارف القبح لا ينافي الاختيار, نعم يقال من جانب الجبائية: الحكم بالمرجوح الاعتباري غير ممتنع وبالراجح الاعتباري غير لازم.
احتج الأصحاب أيضًا على إبطال مذاهب جميع المعتزلة بدليل من السمع تقريره: أن العقل لو كان مدركًا للأحكام, لزم التعذيب بمباشرة بعض الأفعال وترك بعض قبل البعثة, واللازم باطل.