أما الملازمة؛ فلتحقق الوجوب والتحريم قبل البعثة على ذلك التقدير, وهما يستلزمان التعذيب عندهم؛ لأنهم لا يجوزون العفو عن الكبائر قبل التوبة.
وأما بطلان اللازم؛ فلقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} , ومعنى لاستلزام مذهبهم خلافه, أي في عدم جواز العفو؛ لأن حسن بعض الأفعال وقبح بعضها قبل البعثة مستلزم لوجوب بعضها وحرمة البعض, ومن ترك الواجب أم فعل الحرام عذب, والتعذيب قبل البعثة مناف لمقتضى الآية الثابت, فيبقى مذهبهم وهو إلزامي؛ لأن استحقاق العذاب عن الترك هو لازم الوجوب لا وقوع العذاب, والآية لم تدل على نفي استحقاق العذاب, لكن لما كان لازم الوجوب عندهم العقاب على الترك انتهض عليهم.
أو نقول: وقوع العذاب وإن لم يكن لازمًا لهما, فعدم الأمن من العذاب لازم؛ لترك الواجب وفعل المحرم, وقد دلّت الآية على نفيه قبل الشرع؛ لأن الله تعالى أمنهم من العذاب قبل البعثة بإخباره بذلك, وعلى هذا يكون إلزاميًا, بل برهانيًا.
قيل: المقصود من الرسول العقل, أو المقصود وما كنا معذبين بالأوامر والنواهي الشرعية, أو في الأوامر التي لا يستقل بها العقل, حتى نبعث رسولًا.