للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: إن علم الله تعالى وإخباره بعدم وقوع الفعل, وكون الفعل مع القدرة, وكون الأفعال مخلوقة لله تعالى, لا يمتنع تصور وقوع الفعل من المكلف؛ لجواز تصور الوقوع منه فهو غير محل النزاع, إذ النزاع فيما يمنع تصور وقوعه لا فيما يمتنع وقوعه لخبر أو علم أو غيرهما, فهي تجوز صدورها بحسب الذات من المكلف وإن امتنعت لأمر خارجي, ولا نزاع فيه.

الثاني: أن ما ذكرتم يبطل المجمع عليه فيكون باطلا؛ لأنه يستلزم أن تكون التكاليف كلها تكليف بالمستحيل, أما كون القدرة مع الفعل وكون الأفعال مخلوقة لله تعالى تستلزم كل واحد منها ذلك فواضح, وأما استلزام العلم ذلك, فلوجوب وجود الفعل أو عدمه لوجوب تعلق العلم بأحدهما, وأيًّا ما كان يتعين ويمتنع الآخر, فالتكليف إما بالواجب أو بالممتنع, وكلاهما تكليف بالمحال, وأما الأخبار والموت والنسخ فلا يعم, وكون كل تكليف تكليف بالمستحيل باطل؛ لأن بعض من جوز التكليف بالمحال لم يقل بوقوعه, ومن قال بالوقوع لم يعمم, وغير المجوز أوضح.

قيل: لا يصح منع الإجماع [مسندًا] , إذ القائل بهذين - ويكون ما علم الله وقوعه أو أخبر عنه واجبًا, ويكون ما علم عدمه أو أخبر عنه ممتنعًا - يقول: إن التكاليف كلها تكليف بالمحال, [أما عندنا؛ فلأن شرط المطلوب الإمكان, وأما عندهم؛ فلأن إيمان من علم الله أنه لا يؤمن ممكن بحسب ذاته, ودعوى امتناعه لذاته عناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>