للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستلزم ألا يؤمن لاستحالة خلف خير الله تعالى.

والجواب: أنهم لم يكلفوا إلا تصديقه وهو ممكن في نفسه متصور وقوعه, لكنه مما علم الله أنه لا يقع, وإخبار الله لرسوله كإخباره لنوح في قوله: {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} , لا أنه عليه السلام أخبر أبا جهل بذلك, ولا يخرج الممكن عن الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي بخبر أو علم, فهو غير محل النزاع, ويصح أن يضاف إلى الفاعل, أي إخبار الرسول الأمة كإخبار الله نوحًا, مع أنهم كانوا مكلفين بالإيمان, ووجه التشبيه أنه إذا كان إخبار نوح المؤكد بأن لم يخرج الممكن عن إمكانه بعدم إخراج خبر الرسول مع عدم تأكيده أولا, ولو تركه لكان أحسن؛ لأن قضية إخبار نوح كقضية أبي جهل, والخصم استدل بكل منهما, فله أن يمنع في كل منهما.

ومما أجيب به عن هذا السؤال: أنّا لا نسلم أن من الإيمان تصديقه في كل ما أخبر عنه, بل في كل ما علم أنه خبر عنه, فلا يلزم بالتكليف بصدق هذا الخبر إلا إذا علم أنه خبر الله تعالى, ولو علم ذلك لعلم صدق الرسول, ولو علم صدقه لم يوجد هذا الخبر منه تعالى لاستلازمه الكذب, وإذا لم يوجد لم يكلف بتصديقه, فالتكليف بهذا الخبر يستلزم عدم التكليف به, فلا يكون مكلفا به, وأيضًا: من الإيمان تصديقه في كل ما أخبر به تصديقا إجماليًا, أي يعتقد على سبيل الإجمال أن كل خبر من أخباره تعالى صدق, ويلزم منه التكليف بصدق هذا الخبر تصديقًا إجماليًا, وهو لا يستلزم

<<  <  ج: ص:  >  >>